في الشهادات: بيع بيت الأسرة وطرد الزوجة والأبناء للشارع دون طلاق

تغيير العنوان وإغلاق الهاتف وعدم السماح للأم بتسجيل الأطفال في المدرسة لعدم ربط الحضانة بالولاية
الشارع مصير زوجة مع أربعة أبناء لأنها لا تملك وثيقة المشاركة في بناء البيت رغم بيعها كل ما تملك
*العلم: نعيمة الحرار*
شهادات صادمة ومؤلمة تلك التي ألقتها نساء جئن من مناطق مختلفة من الوطن، يحملن في صدورهن غصة الخذلان، نساء استقبلتهن جمعية اتحاد العمل النسائي في إطار محكمة النساء الرمزية في نسختها 22 التي نظمت السبت 10 ماي الجاري بنادي المحامين بالرباط والتي رفعت هذه السنة شعار"باركا..لا تنازل عن قانون أسري يضمن المساواة والعدل والكرامة".
وعن هذا الحدث الحقوقي والإجتماعي والإنساني، الذي يروم إسماع صوت ضحايا كثر يتوسلن الإنصاف والعدالة، قالت فاطمة المغناوي رئيسة مركز النجدة للنساء ضحايا العنف بالرباط التابع لاتحاد العمل النسائي، في تصريح ل"العلم" يحرص اتحاد العمل النسائي على إقامة محكمته الرمزية لإسماع أصوات ضحايا العنف بكل أنواعه، ضحايا غالبا تخلى عنهم المجتمع ووجدن أنفسهن في الشارع أو في وضعية اجتماعية صعبة، والسبب الرئيسي يكون العنف وتندرج محكمة النساء بمختلف دوراتها في إطار النضال المتواصل لاتحاد العمل النسائي من أجل قانون أسري يرتكز على مبدأي المساواة وعدم التمييز بين النساء والرجال، ويقطع مع المنظومة الذكورية المبنية على التراتبية والتبعية وهدر كرامة النساء وانتهاك حقوقهن الإنسانية.
وعمل الاتحاد في هذا السياق تقول فاطمة المغناوي، على تنظيم حملات تعبوية من أبرزها حملة المطالبة بوضع الطلاق بيد القضاء، ثم حملة المليون توقيع لتغيير مدونة الأحوال الشخصية، وحملة المطالب الاستعجالية للمرأة المغربية، مرورا بالمسيرة الدولية وحملة أريد حلا وغيرها. كما تتبع تفعيل مدونة الأسرة وتقييم أحكامها والمنظور المؤطر لها، وكذا تطبيقاتها وتداعياتها على أوضاع النساء وحقوقهن. وذلك من خلال العمل الدؤوب لشبكة مراكز النجدة في دعم النساء وتحليل المعطيات المستخلصة من أعمالها وإصدار تقارير سنوية بخصوصها. ومن خلال هذه المعطيات والتواصل المباشر مع الضحايا نشتغل تقول المناضلة النسائية في اتحاد العمل ضمن مسار نضالي طويل على تغيير القوانين بدءا من مدونة الأسرة، حيث أطلق الاتحاد حملة للمطالبة بتغيير المدونة سنة 2014 أي بعد عشر سنوات من صدورها، وفي فبراير 2018، أطلق حملة جديدة من أجل تغيير جذري وشامل للمدونة ، ونظرا أيضا لتعارضها التام مع أحكام الدستور والالتزامات الدولية للمغرب ومع التحولات المجتمعية التي مست البنى الأسرية ومكانة وأدوار النساء وتطلعاتهن المشروعة إلى المساواة والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية والمواطنة الكاملة. منذ ذلك الحين عقد الاتحاد عدة دورات لمحكمة النساء كانت آخرها سنة 2024 نظمت باسم "التنسيقية النسائية من أجل التغيير الشامل والعميق لمدونة الاسرة". كما تم خلال هذه الفترة مواصلة تنظيم عدة فعاليات تعبوية وتحسيسية وترافعية سواء من طرف اتحاد العمل النسائي أو التنسيقية النسائية وباقي مكونات الحركة النسائية.
وعن تغيير بعض بنود مدونة الأسرة، قالت رئيسة مركز النجدة للنساء ضحايا العنف تلقينا في اتحاد العمل النسائي وأغلب مكونات الحركة النسائية والحقوقية إطلاق ورش مراجعة مدونة بإيجابية كبيرة كنا متفائلات جدا، واعتبرناه محطة تاريخية لتمكين البلاد من قانون يعيد بناء العلاقات الأسرية على أساس من المساواة والعدالة وصون الكرامة الإنسانية ويؤسس لدمقرطة المجتمع. فبالنسبة لنا وبعد مرور قرابة 70 سنة على الاستقلال نعتبر أنه آن الأوان للاعتراف بالمواطنة الكاملة للنساء، وبعد مرور أكثر من 20 سنة على آخر إصلاح للمدونة جرت خلالها تطورات مجتمعية هامة حان الوقت لأخذها بعين الاعتبار وخصوصا صدور الدستور منذ 14 سنة، الذي يستلزم ملاءمة المدونة مع أحكامه ومع مقتضيات المواثيق الدولية المصادق عليها طبقا لما ينص عليه تصديره.
شهادات نساء ذقن العنف والطرد من فضاء ظنن أنه آمن..
تبقى الشهادات الإنسانية لنساء عالقات في دوامة العنف أو خرجن منها بأعطاب نفسية واجتماعية ، أكثر تأثيرا من كل شيء حيث كشفن خلال المحكمة الرمزية لاتحاد العمل النسائي عن معاناة حقيقية وعما يجري داخل البيوت المغلقة من عنف ودمار نفسي وحرمان مادي ومعنوي ، من ضحاياه الأساسيين الأطفال، ومن هؤلاء "ف" جاءت من طنجة صرخت بلكنتها الشمالية وبصوت يحمل أثر الجرح والألم والخذلان وقلة الحيلة:"جئت أتحدث بوجه مكشوف ليس لدي ما أخفيه.. على الإنسان أن يدافع عن حقه وحق أبنائه. تزوجت من هذا "السيد" وانا في سن صغيرة ، أنجبت أربعة أبناء، بنينا البيت "طوبة طوبة" كافحت معه بعت ذهبي وأعطيته ما ورثته عن أبي وماكنت أملكه من مال قبل الزواج، إضافة إلى صبري على معيشة التقشف في الأكل واللباس في حياة ليس فيها تمتع.. ليس فيها فرح من أجل بناء ذلك البيت الذي لم يحقق لي ماكنت أتمناه في الزواج من سعادة ..وبحرقة أضافت "كان يعطيني المال وأنا كنجمع ليه" حتى انتهى من بناء البيت واشترى السيارة " و"سخن كتافو "...
بعدها وبدل الجزاء بالإحسان كان العنف والفساد العلني. كان يقول لي "أنا ذاهب لنساء أخريات وغادي نتزوج" طالبته بالعناية بالأبناء وتركنا في البيت وليفعل ما يشاء ..ليكون الطرد من البيت الذي ساهمت في بنائه من كدي وتعبي وحرماني أنا وأبنائي ..طلقني لتكون حصيلتي من هذا الزواج ورقة الطلاق وأوراق أخرى تتعلق بمرض السكري والصرع والأعصاب، وبنصيحة من احدى النساء توجهت لجمعية اتحاد العمل النسائي بطنجة ، طالبتهم في الجمعية بمساعدتي على استرجاع حقي وحق أبنائي في هذا البيت وفي حياة الاستقرار التي دمرها بشكل عنيف وبقسوة، سألوني إن كانت لدي وثيقة تثبت مساهمتي في بناء المنزل فقلت لا وثائق لدي سوى ورقة الطلاق وأوراق الطبيب، وما تحمله من أمراض عددتها في السكري والصرع والأعصاب والروماتيزم..
المرأة مازالت تنتظر الإنصاف لها ولأولادها الأربعة..

سيدة أخرى من طنجة أم لبنتين ضحية العنف والطرد من بيت الزوجية:
في شهادة ثانية للسيدة "خ" قالت فيها بانفعال فيه ألم كبير "تزوجت وسكنا في بيت أمه ..كنت اشتغل اكتشفت أنه عنيف ، وصبرت على عنفه الذي لم يتوقف بعد الانجاب بل زاد ولحق حتى البنتين ، ساهمت معه في شراء بيت .كنت أعطيه ما أجنيه من مال، حتى كان إخراجي للشارع تحت الضرب والعنف و دون طلاق مع تأكيده لي فيما بعد أنه باع البيت ، انتقلت من مدينة أصيلة إلى طنجة وهنا بدأت معاناة أخرى مع الموسم الدراسي ، منعت من نقل أولادي وتسجيلهم في المدرسة ما ترتب عنه انقطاع لثلاثة أشهر وبتواصلي مع جمعية اتحاد العمال النسائي تم إرشادي للمسار القانوني، وجدت نفسي في مواجهة مع مشكل الولاية الشرعية وهنا أتساءل لماذا لا تعطى الولاية للأم التي حملت و أنجبت وحضنت ؟..وتابعت المرأة " توجهت لوكيل الملك وبعده لرئيس المحكمة استعطفته لأجل أن يلج أولادي المدرسة لأن انقطاعهم أدخلني في حالة نفسية صعبة، والأب لا نملك عنوانه وهاتفه مقفل، قلت لرئيس المحكمة اعتبرهم أبناءك هل ترض أن ينقطعوا عن التعليم فكانت دعوى استعجالية وتمكنت من أخذ قرار تسجيلهم في المدينة التي انتقلت إليها...
وتساءلت " وجدت نفسي بدون طلاق وبدون حضانة وبدون ولاية " وكلها أمور رفضها مدراء المدارس ورفضوا إعطائي قرار نقل الأولاد الى مدرسة أخرى ، وأنا لم يعد لدي بيت في تلك المدينة، لماذا لا تعط الحضانة ومعها الولاية للأم التي حملت وأنجبت لماذا تصبح الأم والأطفال في مواجهة قانون يعطي الحق لأب غير العنوان واقفل الهاتف على حساب أم همها هو تسجيل أبنائها في المدرسة.. وأضافت المرأة وهذه المرة بالدموع " نسيت العنف الذي مورس علي لكني لن أنسى ما عشته خلال الثلاثة أشهر من "حكرة وعذاب نفسي" كنت أحارب فيها من أجل أن لا ينقطع أبنائي عن الدراسة وانقطاع ثلاثة أشهر ليس سهلا".
الحرمان من الإرث.. سيدة مع أخ لها
العنف عند المطالبة بحق شرعي
شهادة أخرى من ضمن حوالي 12 شهادة تم تقديمها خلال المحكمة الرمزية لسيدة إسمها فاطمة أمازيغية من تمحضيت حرمت من حقها في الإرث، المرأة لا تتحدث الدارجة ولا العربية، أكدت استيلاء أخوين لها على الإرث كاملا واستغلاله دون إعطائها حقها الشرعي رغم مطالبتها به لسنوات، والوالد ثري لكنها لم تطل من ثروته شيئا، كلام أكده أخ لها هو كذلك ضحية أخويه بقوله "مات الوالد منذ 18 عاما ترك منازل وأراضي و700 رأس من الماشية، لما طالبت بحقي تم تعنيفي كذلك من قبل أخوين لي استوليا على التركة واقتسماها بينهما، وخلال محاولتي استغلال فدان من الأرض هاجماني بالضرب حتى كان تدخل الدرك الذي كان يقيم سدا "باراج" بالقرب من المكان، وأضاف الشاهد الذي هو أخو فاطمة " تم نقلي بسيارة الإسعاف الى المستشفى تسلمت شهادة طبية، وأحيلت القضية على المحكمة حيث تم الحكم على أحدهما بشهر سجنا فيما فر الآخر الى فرنسا وفتحت في شأنه مذكرة بحث، بعد عودته تم الحكم عليه بالبراءة".