العلم الإلكترونية - مراكش
احتضنت مدينة مراكش، يوم الثلاثاء 24 يونيو 2025، بفندق حديقة أكدال بشارع محمد السادس، فعاليات اللقاء الختامي للحملة الوطنية الأولى لإذكاء الوعي بالإعاقة، التي نظمتها وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، بحضور وازن لمسؤولين حكوميين وممثلي الهيئات الحقوقية الوطنية والدولية، ومجموعة من الفعاليات المدنية والإعلامية.
اللقاء شهد مشاركة كل من السيدة نعيمة ابن يحيى، وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، والسيد عبد الجبار الرشيدي، كاتب الدولة المكلف بالإدماج الاجتماعي، بالإضافة إلى ممثلة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالمغرب، وعميد كلية التربية بالرباط، وعدد من رؤساء الجمعيات العاملة في مجال الإعاقة.
تميزت هذه المحطة الختامية بتنظيم فقرات موسيقية تحسيسية، وتكريم عدد من الفاعلين والشخصيات البارزة في مجال الإعاقة، فضلاً عن عرض وصلات تحسيسية شارك فيها مؤثرون ومؤثرات ساهموا في إيصال رسائل الحملة لشرائح واسعة من المجتمع.
الرشيدي: الحملة شكلت منعطفاً مجتمعياً لتغيير النظرة نحو الإعاقة
في كلمته بالمناسبة، عبّر السيد عبد الجبار الرشيدي عن فخره بما حققته الحملة من تفاعل وطني واسع، مؤكداً أن الهدف الأساسي كان تصحيح الصور النمطية السلبية تجاه الأشخاص في وضعية إعاقة، والعمل على تغيير العقليات المتجذرة اجتماعياً. وأكد أن الحملة، التي امتدت لشهر كامل، استقطبت أكثر من مليون مواطن ومواطنة، اطلعوا على رسائلها ومضامينها.
وقال الرشيدي:
“الرهان الأساسي للحملة لم يكن مجرد توعية ظرفية، بل تغيير مجتمعي حقيقي يتطلب عملاً متواصلاً، ثقافياً واجتماعياً، عبر الإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي، وحتى منابر المساجد، التي خصصت خطباً لهذا الموضوع.”
وأشاد بالمجهودات الكبيرة التي بذلتها السيدة الوزيرة وكافة الأطراف الشريكة من قطاعات حكومية ومؤسسات كـ”التعاون الوطني” و”وكالة التنمية الاجتماعية”، والجمعيات العاملة ميدانياً، مؤكداً أن النجاح المحقق لا يعني نهاية المطاف، بل بداية لمنهجية عمل دائمة في التوعية، وبناء السياسات الدامجة.
من السياسات إلى الأثر الملموس: تعليم، تشغيل، صحة وولوجيات
وسرد كاتب الدولة سلسلة من الأوراش الهيكلية التي تشتغل عليها الوزارة وكتابة الدولة، لعل أبرزها:
ضمان الولوج إلى التعليم العمومي للأطفال في وضعية إعاقة، بتنسيق مع وزارة التربية الوطنية، وتفعيل لجان جهوية لتقييم الإعاقة داخل الأكاديميات الجهوية.
تعزيز التشغيل في القطاعين العام والخاص، من خلال تخصيص نسبة 7% من المناصب المالية العمومية لفائدة هذه الفئة، إضافة إلى دعم إدماجهم في القطاع الخاص بشراكة مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب، وفق مقاربة تنبني على الكفاءة، لا الإحسان.
توسيع التغطية الصحية لتشمل كل الخدمات الضرورية، حيث لا تزال 21 خدمة غير مشمولة، رغم وجود 25 خدمة مغطاة حاليًا. ويجري التنسيق مع وزارة الصحة لتدارك هذا النقص.
تطوير الولوجيات في الفضاءات العامة، حيث أشار الرشيدي إلى وجود تجارب جماعية رائدة، مع الدعوة إلى تعميم هذه التجارب لتشمل جميع الجماعات الترابية.
وأشار أيضاً إلى أن الوزارة بصدد توقيع اتفاقية شراكة مع المكتب الوطني للسكك الحديدية، ستمكن الأشخاص في وضعية إعاقة من الاستفادة من تخفيضات تصل إلى 45% في تكاليف النقل، كما يجري التنسيق مع وزارة الداخلية لضمان الولوجيات والتخفيضات في النقل الحضري، تماشياً مع التوجهات الكبرى للدولة الاجتماعية تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.
مجلس جهة مراكش-آسفي: الإعاقة في صلب التنمية الجهوية
في مداخلة نائبة رئيس مجلس جهة مراكش-آسفي، تم التأكيد على التزام الجهة بإدراج بعد الإعاقة في كافة مخططات التنمية الجهوية، وذلك من خلال ملاءمة السياسات المحلية مع الاتفاقيات الدولية، واعتماد مقاربة دامجة في الصحة، والتعليم، والتشغيل.
وقالت المتدخلة: “نشتغل في الجهة على صياغة استراتيجيات تنموية تضع الأشخاص في وضعية إعاقة في قلب اهتماماتنا، ونؤمن بأن الإدماج الاجتماعي يتطلب التزاماً مؤسساتياً ومجتمعياً متكاملاً.”
كما شددت على ضرورة تعزيز التشاور مع منظمات المجتمع المدني وتفعيل آليات جهوية مستقلة لرصد وتنفيذ مضامين الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
نحو مقاربة شاملة ومندمجة: التمكين لا الصدقة
أكد المتدخلون أن لقاء مراكش لا يمثل فقط ختاماً لحملة ظرفية، بل محطة تقييمية لإطلاق مرحلة جديدة تقوم على المقاربة الحقوقية، والتأهيل، والتكوين، والتمكين المستدام، بعيداً عن أي منطق إحساني أو موسمي.
وشددوا على أن نجاح إدماج الأشخاص في وضعية إعاقة لا يرتبط فقط بالقوانين، بل بنجاعة الوسائل والبرامج ومدى تقاطع السياسات العمومية في مختلف المستويات، داعين إلى تطوير نظام متكامل للتكفل متعدد الاختصاصات، وتكثيف سبل مواجهة الإعاقة والوقاية منها.
اختتمت الحملة الوطنية الأولى لإذكاء الوعي بالإعاقة وقد رسخت قاعدة صلبة لعمل مجتمعي مستمر، يقوده شركاء مؤمنون بإمكانية التغيير، ومقتنعون بضرورة الانتقال من التوعية إلى التمكين، ومن الخطاب إلى الفعل، ومن الهامش إلى الاندماج الكامل في كل جوانب الحياة العامة