Quantcast
2025 يوليوز 13 - تم تعديله في [التاريخ]

مراكش تنادي إفريقيا: إصلاح التقاعد لضمان كرامة الأجيال المقبلة

أزيد من 30 دولة إفريقية تلتقي بمراكش لرسم مستقبل أنظمة التقاعد في القارة


مراكش تنادي إفريقيا: إصلاح التقاعد لضمان كرامة الأجيال المقبلة
العلم الإلكترونية - نجاة الناصري 
 
احتضنت مدينة مراكش، يومي 10 و11 يوليوز الجاري، الدورة السادسة للمنتدى السنوي للجمعية الإفريقية لمراقبي المعاشات التقاعدية (APSA)، بمشاركة ممثلين عن 30 دولة إفريقية، إضافة إلى خبراء ومختصين دوليين في مجالات التقاعد، الحماية الاجتماعية، المالية والحوكمة.
 
انعقد هذا المنتدى الهام، الذي نظمته هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي (ACAPS) بشراكة مع جمعية APSA ووكالة التنمية الإفريقية FSD Africa، تحت شعار «إصلاح أنظمة التقاعد في إفريقيا: رافعة لتعزيز الاستدامة الاجتماعية والمالية»، في سياق يعرف تنامي التحديات الاقتصادية والديمغرافية، وارتفاع نسب الشيخوخة، ما يفرض ضغوطاً متزايدة على صناديق التقاعد في مختلف الدول الإفريقية.
 
وفي هذا الإطار، شدد المشاركون على ضرورة تسريع وتيرة الإصلاحات لضمان ديمومة هذه الأنظمة، داعين إلى توسيع قاعدة المستفيدين لتشمل العاملين في القطاع غير المهيكل، حيث تقدر نسبة العمال غير المشمولين بالتغطية الاجتماعية في إفريقيا بأكثر من 80%. كما أشاروا إلى أهمية تحديث منظومات الحكامة، وتطوير آليات التتبع والمراقبة المستقلة، مع ضمان أعلى مستويات الشفافية في التدبير المالي.
 
وقد دعت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، في كلمة مسجلة خلال الجلسة الافتتاحية، إلى تعزيز التعاون الإفريقي من أجل بناء أنظمة تقاعد أكثر صموداً وتضامناً، مشيرة إلى أن المغرب، تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس، جعل من الحماية الاجتماعية والرأسمال البشري أولوية تنموية. وذكرت بأن المملكة وضعت خارطة طريق لتوسيع التغطية لفائدة 5 ملايين مغربي إضافي، مع إصلاح الأنظمة القائمة في القطاعين العام والخاص.
 
من جانبه، أبرز رئيس هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، عبد الرحيم الشافعي، خلال كلمته، التحديات العميقة التي تواجه أنظمة التقاعد في إفريقيا، مشيراً إلى أن نسبة التغطية لا تتجاوز 10,3% من السكان النشيطين، وأن ثلث كبار السن فقط يتلقون معاشات تقاعدية، سواء كانت قائمة على الاشتراك أو غير قائمة عليه.
 
وأكد الشافعي أن هذه الأوضاع تتطلب مقاربات جديدة، تأخذ في الاعتبار التحولات الديمغرافية والاقتصادية والمالية، مشدداً على ضرورة بناء حلول صامدة، مبنية على مبادئ التضامن، والاستدامة، والشفافية، لتصبح أنظمة التقاعد رافعة للإدماج والاستقرار الاجتماعي.
 
كما كشف الشافعي عن المعطيات المتعلقة بالمغرب، مشيراً إلى أن معدل التغطية التقاعدية يقدر بحوالي 49% من السكان النشيطين، مع توقعات ببلوغه أكثر من 80% على المدى البعيد بفضل الإصلاحات الجارية في إطار القانون الإطار رقم 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية. وأوضح أن نظام المعاشات المدنية قد يواجه نفاد احتياطاته في أفق سنة 2031، في حين يُتوقع نفاد احتياطات نظام CNSS سنة 2037، فيما قد تستمر احتياطات نظام RCAR حتى 2051.
 
ولم يقتصر التشخيص على عرض الإكراهات، بل شمل أيضا اقتراح حلول عملية، من بينها إرساء آليات هجينة تمزج بين الأنظمة التساهمية وغير التساهمية، وتوسيع التغطية لتشمل القطاع غير المهيكل عبر التقاعد المصغر والحوافز الضريبية، والتحول نحو رقابة قائمة على المخاطر، تكون أكثر استباقية وملاءمة للتحولات المتسارعة.
 
وتمت الإشادة بالتجربة المغربية في إصلاح التقاعد، خاصة في ما يتعلق بتوسيع التغطية الاجتماعية وتحديث بنيات الحكامة والمراقبة. كما ثمّن المشاركون احتضان مراكش لهذا المنتدى، معتبرين إياها منصة قارية لتقاسم التجارب والخبرات، وتعزيز روح التضامن الإفريقي.
 
وأوصى المشاركون في البيان الختامي بجملة من الإجراءات التقنية، أبرزها تحسين سياسات الاستثمار وتنويع الأصول لتقليص المخاطر وتعزيز العائدات، واعتماد تقنيات رقمية متطورة لتدبير الاشتراكات ومعالجة الملفات، ما من شأنه تخفيض كلفة التسيير بنسبة قد تصل إلى 20%. كما تمت الدعوة إلى إدماج الأبعاد البيئية والاجتماعية في سياسات الاستثمار، تماشياً مع الأهداف الأممية للتنمية المستدامة، وتعزيز التكوين المستمر لمراقبي صناديق التقاعد من خلال برامج إقليمية ودولية.
 
وأكدت التوصيات على ضرورة اعتماد منصة رقمية موحدة لإدارة المعاشات إلكترونياً بين الدول الأعضاء، إنشاء رابطة مستقلة لمراجعة أداء صناديق التقاعد سنوياً، ومراجعة هيكلة الاشتراكات وتفعيل النماذج الاكتوارية لتفادي العجز المالي في المستقبل، إلى جانب تأسيس شبكة تبادل معرفي لتقاسم تجارب الرقمنة وحماية حقوق المتقاعدين.
 
ويهدف المنتدى، الذي نظم لأول مرة في المغرب، إلى خلق فضاء قار يجمع الخبراء والمسؤولين لمناقشة سبل ضمان كرامة المتقاعدين، والحفاظ على استدامة صناديق التقاعد كركيزة أساسية للاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في القارة الإفريقية.
 
وقد شهد المنتدى عدة جلسات موضوعاتية همّت تطوير أطر الرقابة القائمة على تحليل المخاطر، التدبير الاستباقي للمخاطر المستجدة مثل تغير المناخ، الأمن السيبراني، والتحولات الديمغرافية، إلى جانب مشروع تطوير تصنيف إفريقي لمعايير البيئة والمجتمع والحوكمة (ESG)، ودراسة نماذج جديدة للتقاعد لفائدة العاملين في القطاع غير المهيكل.
 
وتجدر الإشارة إلى أن الجمعية الإفريقية لمراقبي المعاشات التقاعدية (APSA)، التي تأسست سنة 2019 في نيروبي، تضم هيئات الإشراف ومراقبة أنظمة التقاعد من 15 دولة، تمثل أكثر من 86% من أصول المعاشات في القارة. وتعمل الجمعية، بدعم من وكالة التنمية الإفريقية، على تعزيز التعاون وتبادل الخبرات وتسريع وتيرة الإصلاحات في القطاع، بما يخدم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في إفريقيا.
 
وتشارك هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي (ACAPS)، باعتبارها عضواً فاعلاً في الجمعية، في مختلف أشغالها، في إطار التزامها بتعزيز التعاون الإفريقي في مجال الحماية الاجتماعية والاحتياط.
 
بهذه الروح، أكد المنتدى مكانة مراكش كوجهة قارية لتلاقي الخبراء والمسؤولين، وتجديد النقاش حول مستقبل التقاعد في إفريقيا، وتحويل أنظمة المعاشات إلى رافعة قوية للتنمية المستدامة، التماسك الاجتماعي، وضمان كرامة المتقاعدين في مختلف بلدان القارة

              

















MyMeteo




Facebook
YouTube
Newsletter
Rss

الاشتراك بالرسالة الاخبارية
أدخل بريدك الإلكتروني للتوصل بآخر الأخبار