Quantcast
2025 يوليوز 8 - تم تعديله في [التاريخ]

مشروع‭ ‬ريحي‭ ‬ضخم‭ ‬يضع‭ ‬بئر‭ ‬أنزران‭ ‬على‭ ‬خريطة‭ ‬الطاقة‭ ‬النظيفة‭ ‬بالمملكة


 
وادي الذهب : محمد الحبيب هويدي
 
منطقة بئر أنزران، الواقعة شمال مدينة الداخلة، تخرج اليوم من هامش الجغرافيا إلى قلب التحول الطاقي بالمغرب، عبر مشروع ريحي ضخم يُعد من أكبر الاستثمارات في مجال الطاقات المتجددة بالأقاليم الجنوبية. فمنذ أن تقرر تحويل المشروع من آسفي إلى بئر أنزران سنة 2020، باتت هذه المنطقة الصحراوية محط أنظار المستثمرين والخبراء، بالنظر إلى ما تزخر به من مؤهلات طبيعية ومناخية تجعلها مثالية لإنتاج الكهرباء النظيفة، خصوصًا عبر الطاقة الريحية.
اختيار بئر أنزران لم يكن قرارًا تقنيًا فحسب، بل هو إشارة واضحة إلى توجه الدولة نحو إحداث توازن مجالي في توزيع المشاريع الكبرى، وربط المناطق الجنوبية برهانات السيادة الطاقية. فالمنطقة تتميز برياح قوية منتظمة، وأراضٍ شاسعة منخفضة الكثافة السكانية، مما يسهّل عمليات البناء والاستغلال دون تأثير سلبي على المحيط البيئي أو العمراني.
المشروع، الذي يُشرف على إنجازه ائتلاف يضم شركة CME Africa التابعة لمجموعة VINCI الفرنسية وشركة Green of Africa المغربية، تبلغ طاقته الإنتاجية المتوقعة 360 ميغاواط، بكلفة استثمارية تصل إلى 4.8 مليار درهم. ويمتد على مساحة شاسعة تبعد 70 كيلومترًا فقط عن الداخلة، لكنه يُعطي لبئر أنزران دورًا جديدًا يتجاوز رمزيتها الجغرافية إلى كونها منصة مستقبلية للطاقة المستدامة.
مع بدء الأشغال في شتنبر 2024، وسيرها وفق الجدول الزمني المحدد، يتوقع أن تدخل المحطة حيز التشغيل قبل نهاية سنة 2026، منتجة ما يفوق 750 جيغاواط ساعة سنويًا. هذا الرقم ليس مجرد معطى تقني، بل هو تعبير عن تحول عميق تشهده المنطقة، حيث تنتقل بئر أنزران من صحراء هامدة إلى فاعل حيوي في أمن الطاقة المغربي.
التركيز على بئر أنزران لا ينفصل عن الدينامية التي تعرفها الداخلة والأقاليم الجنوبية عمومًا، في أفق جعلها منصة استراتيجية على الصعيدين الإفريقي والدولي. ويُرتقب أن يساهم المشروع في خلق فرص عمل مهمة لسكان المنطقة، سواء في مرحلة البناء التي توفر 200 منصب شغل، أو خلال مرحلة التشغيل التي ستحدث 60 فرصة عمل دائمة، فضلًا عن تنشيط المحيط الاقتصادي والخدماتي.
وتجدر الإشارة إلى أن مشروع بئر أنزران يُعزز استقلالية المغرب في مجال الطاقة، ويُقوي موقعه التفاوضي في الربط الكهربائي العابر للحدود، خاصة في ظل مبادرات المملكة لمد شبكات الربط نحو أوروبا وإفريقيا. فالموقع الجغرافي لبئر أنزران، بين قلب الصحراء وأبواب الأطلسي، يمنحها موقعًا استراتيجيًا ضمن شبكة الإنتاج والنقل الطاقي الوطني، ويدمجها في رؤية أوسع ترتكز على العدالة المجالية والمردودية البيئية والاقتصادية.
في النهاية، ما يحدث في بئر أنزران ليس مجرد مشروع من بين مشاريع كثيرة، بل هو بداية لمرحلة جديدة تعيد رسم دور المناطق الطرفية في معادلة التنمية، وتؤكد أن المغرب، في سعيه نحو اقتصاد أخضر، لا يُهمل أي شبر من ترابه، بل يمنح لكل جهة فرصة لتتحول إلى رافعة وطنية، كما يحدث اليوم في هذه النقطة النائية التي صارت، فجأة، في صلب الخريطة الطاقية للمملكة.
 

              

















MyMeteo




Facebook
YouTube
Newsletter
Rss

الاشتراك بالرسالة الاخبارية
أدخل بريدك الإلكتروني للتوصل بآخر الأخبار