Quantcast
2022 يوليوز 19 - تم تعديله في [التاريخ]

من تحت الرّماد... انبعاث جديد للشمال

حملات إنسانية تضامنية مع متضرري "حرائق الشمال" والمطالبة بايجاد حلول واقعية لتجاوز النكبة


العلم الإلكترونية - وداد بنمومن (صحافية متدربة) 

لا تزال ألسنة اللهب تأتي على غابات شمال المغرب، فمنذ مساء الأربعاء الماضي، بلغ مجموع المساحة المتضررة من الحرائق 6600 هكتار. تتوزع بين كل من تازة والعرائش ووزان وشفشاون وتطوان بحسب بيان صادر عن السلطات المغربية.
 
وفيما تتواصل جهود السلطات المحلية، التي استعانت بطائرات "كانادير" وأخرى من نوع "توربو تراش" من أجل إخماد النيران، تعالت من جانب آخر أصوات الجهات الحقوقية التي تدافع عن الفئات المتضررة من الحرائق، كما تعالت أصوات المواطنين ممن ذهبوا ضحايا لهذه الحرائق، مطالبة بتسوية وضعهم وإيجاد حلول حقيقية للنقمة التي حلت بهم.

فاطمة خمسينية من ساكنة القصر الكبير، تحكي لـ"العلم" عن حجم الخسائر الجسيمة التي خلفها الحريق الذي شب بالمنطقة، فقد أتى على منزلها هناك وكذا على المحلات الخمس التي تمتلكها، دون إغفال الأضرار التي لحقت بالمراعي والغرس.
 
وأضافت فاطمة، أنها غادرت بيتها خاوية الوفاض، دون حمل أي شيء معها، فقد خسرت أملاكها ومصدر رزقها. ووجدت نفسها بين عشية وضحاها، في بيت ابنتها التي تحتضنها الآن.
 
من جهتها، تحدثت فاطمة الزهراء، وهي شابة ثلاثينية من الجالية المغربية بالخارج، عن الخسائر الفادحة التي خلفتها الحرائق بدوار العزيب بالقصر الكبير الذي تنتمي إليه، فمنذ وقت طويل وهي تستثمر في المنطقة وتغرس الأرض المحيطة بالبيت بكافة أنواع الأشجار.
 
ناهيك عن القطعة التي غرسها والدها، والمكونة من حوالي 900 شجرة زيتون، ثم خلايا النحل التي يمتلكها... كلها ممتلكات التهمتها النيران بعد هذا الحريق.

المركز المغربي لحقوق الإنسان، في شخص رئيسه عبد الإله الخضري، أشاد بالمساعدات التي استقبلها أهالي المناطق المتضررة من الحرائق، سواء أكانت مساعدات إنسانية أم مساعدات من طرف السلطات المحلية. بيد أن ذلك لم يمنعه من القول إن هذه المساعدات غير كافية في ظل استمرار معاناة الساكنة وعدم استقرار وضعيتهم.
 
وفي هذا الصدد، أشار إلى أن المساعدات التي يتبرع بها المغاربة من داخل وخارج المغرب تظل محفوفة بالعديد من المخاطر، لا سيما في زمن العالم الافتراضي حيث أضحت مواقع جمع التبرعات كثيرة كالفطر. فما أكثر العصابات التي تمتهن النصب والاحتيال عن طريق جمع التبرعات والاستحواذ عليها، ولعلها كثيرة ويصعب حصرها نظرا لعدم وجود آليات وقائية أو عقوبات صارمة تمنعها من جمع التبرعات. 
 
وهنا يبرز حسب الخضري، الإشكال الحقيقي المتعلق بعشوائية تقديم المساعدات الإنسانية، الأمر الذي يستدعي جهودا حثيثة لتجديد تشريع الإحسان العمومي.
 
أما بالنسبة للمساعدات التي تقدمها السلطات المحلية في مواجهة هذه الحرائق، فهي تظل متواضعة في نظر الفاعل الحقوقي ذاته، في انتظار مبادرة حكومية قوية. فقد اقتصرت على إخلاء المناطق المتضررة من السكان وتجميعهم في مراكز الإيواء، في حين يتم تقديم المساعدات الغذائية في حدود الممكن.
 
فإلى حدود اللحظة، لا زالت السلطات تقدم حلولا مؤقتة في ظل غياب منظومة دعم موحدة، وكذا غياب مؤسسات مجتمع مدني شفافة وواضحة تعمل على مراقبة عمل السلطات العمومية ومدى شفافية تدخلاتها.
 
ونبه الخضري إلى ضرورة أخذ القانون رقـم 14-110 المتعلق بالكوارث الطبيعية بعين الاعتبار في هذه الحالة، هذا الأخير دخل حيز التنفيذ بالمغرب منذ فاتح يناير 2020، ضم لجنة عملت على تأسيس صندوق الكوارث، بموجبه أصبح بإمكان المغاربة الاستفادة من التعويضات إذا كانوا ضحايا لوقائع كارثية، مثل الزلازل أو الحرائق أو الفيضانات، إضافة إلى الفتن أو الاضطرابات الشعبية. وخاصة في شقه المتعلق بالتعويض عن فقدان المسكن الرئيسي، حينمـا يتـم الإعـلان عـن كونه لم يعد صالحا للسـكن.  
 
وشدد الخضري أنه في هذه الحالات، تظهر الحاجة الماسة إلى اتخاذ إجراءات فورية، شاملة وفعالة. وكذلك الاقتداء بنماذج أكثر الدول الرائدة في الديمقراطية، ففي الولايات المتحدة الأمريكية مثلا، وبمجرد نشوب حرائق في الغابات، تسارع السلطات إلى إعلان تلك المنطقة منكوبة، الأمر الذي يؤهلها لاستقبال تبرعات وكذا ميزانية ضخمة تمكنها من استدراك الخسائر.
 
وفيما يتعلق بسبب اشتعال الحرائق، فهو يعزى إلى حدود الساعة لعامل المناخ، وذلك بعد تسجيل درجات حرارة غير مسبوقة في العديد من المناطق، إذ لم يقتصر الأمر على المغرب وحده بل امتد لدول أخرى. 

الحسين يوعابد، رئيس مصلحة الشراكة والتواصل بالمديرية العامة للأرصاد الجوية، يفسر في تصريحه لـ"العلم"، هذا الارتفاع في درجات الحرارة بكونه نتيجة لصعود كتل هوائية حارة وجافة قادمة من الصحراء الكبرى نحو جنوب، وسط شمال وشرق البلاد، والمعروفة بظاهرة "الشرقي" والذي جاء نتيجة نشاط المنخفض الصحراوي والذي يوجه رياح جنوبية شرقية تعمل على صعود كتل هوائية ساخنة تزيد من درجات الحرارة لأكثر من 5 إلى 12 درجة، وهذا الارتفاع في درجات الحرارة شمل كذلك جنوب أوربا خاصة إسبانيا وإيطاليا والبرتغال وفرنسا، التي تعاني هي الأخرى من موجة حرائق مختلفة مست مناطق عديدة منها.


              
















MyMeteo



Facebook
YouTube
Newsletter
Rss

الاشتراك بالرسالة الاخبارية
أدخل بريدك الإلكتروني للتوصل بآخر الأخبار