
فكري ولد علي / طنجة
نظمت محكمة الاستئناف الإدارية بطنجة فعاليات يوم دراسي مكثف يوم 15 يوليو 2025 بقاعة الجلسات، برئاسة الأستاذ عبد العتاق فكير، رئيسها الأول، والذي أدارها باقتدار. تركز النقاش على قضية محورية بالغة الأهمية: حماية الملكية العقارية والتحديات المرتبطة بـ دعاوى نزع الملكية للمنفعة العامة ودعاوى الاعتداء المادي على العقارات. يأتي هذا الملتقى في سياق سعي المحكمة الدؤوب لتعزيز التواصل والانفتاح على مختلف مكونات أسرة العدالة والإدارات العمومية، بهدف التعمق في قضايا جوهرية تمس صميم الحقوق الدستورية للمواطنين.
استعرض اليوم الدراسي بشكل شامل العمل القضائي لمحكمة الاستئناف الإدارية، من خلال تحليل دقيق للقرارات الصادرة عنها في قضايا نزع الملكية والاعتداء المادي على أملاك الخواص. تمحورت المداولات حول أسس وعناصر تحديد التعويضات، مع تسليط الضوء على الحلول القضائية المستقرة في إطار نظرية الاعتداء المادي، وهو ما أكد عليه الأستاذ هشام الوازيكي، النائب الأول للرئيس الأول لمحكمة الاستئناف الإدارية بطنجة. الهدف الأسمى من هذه المباحثات كان تحقيق التوازن الحيوي بين متطلبات المصلحة العامة العليا والحقوق الخاصة التي يكفلها الدستور والقانون.
وتأكيداً على أهمية هذا الحق، جاء في مقال للأستاذ عبد العتاق فكير، في نفس سياق اليوم الدراسي، أن حق الملكية الخاصة يُعد حقًا مقدسًا ومصونًا دستورياً وقانونياً، تؤكده المواثيق الدولية والدساتير والتشريعات السارية. وقد نص الدستور المغربي في فصله الخامس عشر صراحةً على أن "حق الملكية مضمون"، وأنه "للقانون أن يحد من مداه واستعماله إذا دعت لذلك ضرورة النمو الاقتصادي والاجتماعي المخطط للبلاد". كما شدد على أنه "لا يمكن نزع الملكية إلا في الأحوال وحسب الإجراءات المنصوص عليها في القانون. لكن، وعلى الرغم من هذه الحماية الدستورية الراسخة، شهدت العديد من الحالات إقدام الإدارة على الاعتداء على الملكية الخاصة تحت مبررات متنوعة. هذا الواقع يثير إشكالية قانونية وقضائية معقدة، تستوجب استنباط حلول مبتكرة وعادلة لضمان الاحترام التام لهذا الحق الأساسي.
تميز اليوم الدراسي بحضور لافت ونوعي، ضم الوكيل القضائي للمملكة ونقيب هيئة المحامين، إلى جانب نخبة مرموقة من القضاة والمحامين والأكاديميين. هذا التنوع أثرى النقاش بشكل ملحوظ، ليشكل منصة للتواصل والتفاعل البناء بين الحاضرين وقضاة ومستشاري محكمة الاستئناف الإدارية. يُبرز هذا التفاعل الحرص المشترك على تعزيز التعاون بين كافة الفاعلين في المنظومة القضائية والإدارية، وصولًا إلى ترسيخ مبادئ العدالة وضمان حقوق الملكية الخاصة للجميع.
تتواصل فعاليات هذا اليوم الدراسي غدًا، 16 يوليو، لاستكمال مناقشة هذه الإشكاليات العميقة وتقديم المزيد من الرؤى والحلول القضائية.