Quantcast
2022 سبتمبر 28 - تم تعديله في [التاريخ]

هجرة الأدمغة.. النزيف الذي يكلف اقتصاديا

تكوين إطار واحد يتطلب ازيد من مليون درهم والمغريات تشمل الرواتب والحماية الاجتماعية والتعليم للأبناء


العلم الإلكترونية - سمير زرادي

هجرة الأدمغة... هجرةالعقول... هجرة الكفاءات... قد تختلف التسميات لكن النتيجة واحدة. تكلفة اقتصادية غير قابلة للتعويض أمام نزيف حاد ومستمر يعانيه المغرب منذ سنوات.

ولا شك أن هذه الخسائر الاقتصادية تخلف معضلات أخرى اجتماعية وثقافية في ظل نزوح أطر مهمة بإمكانها أن تشكل نخبا تؤطر وتنظر وتساهم في تكوين الأجيال.

وإذا كان البعض يرى أن هذه الظاهرة لا تهم فقط المغرب، بحيث تأخذ أبعادا عالمية، وتعصف بدول أخرى متقدمة ونامية، فإن ما يؤديه المغرب يبقى ثقيلا وثقيلا جدا.

فحسب دراسة تحليلية للسيدة حميدة بنلميح مديرة معهد المُطوِرين المغرب Developers Institute Maroc فإن المعاناة بسبب هجرة العقول أشد وقعا في الدول النامية أو الصاعدة من غيرها، نظرا للمغريات والامتيازات التي توضع أمام هذه العقول ويصعب مقاومتها.

وفي ظل هذه الآفاق الرحبة، نجد المهندسين المغاربة في معظم الدول المتقدمة. وبناء على آخر الإحصائيات في هذا المجال، فإن 600 من الكفاءات في مجال الهندسة يحزمون حقائبهم ويغادرون سنويا لانتزاع مناصب ذات قيمة مضافة ماليا واجتماعيا.

وحسب حصيلة الدراسة، فإن من ضمن الجوانب التي «تُمغنِط» المهندسين المغاربة هناك سمعة المقاولة وموقعها في النسيج الاقتصادي، والحماية الاجتماعية، والولوج للخدمات العلاجية ذات جودة، وكذا النظام التعليمي الفعال لأجل الأبناء.

ومن جهة ثانية نجد أن الطرف الآخر، أي الدول الباحثة عن الكفاءات، تبدي اهتماما كبيرا للأطر المغربية التي تلح عليها المقاولات الأجنبية بشدة، حيث تنامى هذا الاهتمام مع ورش إصلاح المنظومة التعليمية بالمغرب وتجويدها خاصة على مستوى التعليم العالي، وبالتالي فإن المهندسين في مجال «البيغ داتا» (المعلومات الضخمة)، والبرامج المعلوماتية أكثر ما تلتمسه المقاولات، وذلك حسب الدراسة دائما.

بالمقابل، تظل المقاولات المغربية مفتقدة لهذه الكفاءات، خاصة المتخصصة في التكنولوجيات الحديثة والتي تضطر الى هدر الوقت في البحث وتكوين البروفيل المطلوب لشغل منصب حساس، وربما تلجا الى استقدام أطر من الخارج بغلاف مالي ثقيل لضمان تنافسيتها في السوق.

واستنادا إلى تصريح أخير للسيد رياض مزور وزير الصناعة والتجارة، والمرتبط بالتكلفة المالية لظاهرة هجرة الأدمغة، فإن بلادنا ترصد 2.5 مليون درهم لضمان تكوين مهندس واحد خلال مساره الأكاديمي، الامر الذي يستدعي وضع المزيد من التحفيزات أمامهم بعد التخرج، والرفع من الامتيازات التي تفرمل خيار الرحيل نحو دول أخرى، مما سيمكنهم من المساهمة محليا في تطوير وإغناء البحث والإنتاج والنمو بالمغرب.

في غياب هذه التحفيزات، يرى بعض المهتمين ان السيناريو المطروح هو رغبة 90 في المائة من الخريجين في المغادرة، في حين أن 20 في المائة من إجمالي الخريجين الذين يصلون 8 آلاف سنويا يحصلون على فرص عمل مغرية بالخارج، كونهم متخصصون في تكنولوجيا المعلومات والاتصال.

ولا يعاني مجال الهندسة لوحده من هذا النزيف، فالمجال الطبي لا يخرج عن القاعدة، حيث هناك أزيد من 6 آلاف طبيب يشتغلون في المؤسسات الاستشفائية الفرنسية، ويرتفع عددهم إلى 14 ألف على المستوى العالمي، وهؤلاء كان لهم دور محوري خلال جائحة كوفيد، في الوقت الذي يعاني فيه المغرب من خصاصا حاد في الأطر الطبية، علما أن تكوين طبيب واحد يكلف مليون درهم.

ويرجع متتبعون ظاهرة هجرة الكفاءات المغربية إلى ارتباط المعاهد والمدارس العليا المتخصصة بمؤسسات اجنبية بناء على اتفاقيات شراكة تفضي إلى إجراء الكفاءات المغربية تداريب بالخارج، ثم بعد ذلك يتم منحهم فرص عمل برواتب مغربية لا يمكن رفضها.

لذلك عدا دق ناقوس الخطر، تتوالى النداءات معلنة ضرورة صياغة استراتيجية ناجعة لحماية الرأسمال البشري المغربي، ومجابهة التهافت الشرس على كفاءاتنا.

              
















MyMeteo



Facebook
YouTube
Newsletter
Rss

الاشتراك بالرسالة الاخبارية
أدخل بريدك الإلكتروني للتوصل بآخر الأخبار