Quantcast
2023 يناير 23 - تم تعديله في [التاريخ]

هذه‭ ‬خلفيات‭ ‬تصويت‭ ‬البرلمان‭ ‬الأوروبي‭ ‬العقابي

الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬بقيادة‭ ‬فرنسا‭ ‬ينتقل‭ ‬إلى‭ ‬السرعة‭ ‬القصوى‭ ‬في‭ ‬ممارسة‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬المغرب


العلم الإلكترونية - وديع لحرش

بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬طبيعة‭ ‬القضية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬موضوع‭ ‬تصويت‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭ ‬الأوروبي‭ ‬يوم‭ ‬الخميس‭ ‬الماضي‭ ‬،‭ ‬فإن‭ ‬الأكيد‭ ‬أن‭ ‬حادث‭ ‬التصويت‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬معزولا‭ ‬عن‭ ‬سياق‭ ‬عام‭ ‬تمر‭ ‬به‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬فيها‭ ‬الأزمة‭ ‬الصامتة‭ ‬التي‭ ‬تعرفها‭ ‬العلاقات‭ ‬المغربية‭ ‬الفرنسية‭ ‬حلقة‭ ‬رئيسية‭ .‬
 
القضية‭ ‬التي‭ ‬حظيت‭ ‬فجأة‭ ‬باهتمام‭ ‬البرلمان‭ ‬الأوروبي‭ ‬ليست‭ ‬جديدة‭ ‬و‭ ‬لا‭ ‬مستجدة‭ ‬،‭ ‬بل‭ ‬مر‭ ‬عليها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬سنتين‭ ‬كاملتين‭ .‬و‭ ‬كان‭ ‬مفهوما‭ ‬أن‭ ‬يبادر‭ ‬البرلمان‭ ‬الأوروبي‭ ‬بهذا‭ ‬التصويت‭ ‬بعد‭ ‬أيام‭ ‬قليلة‭ ‬من‭ ‬صدور‭ ‬الأحكام‭ ‬في‭ ‬القضايا‭ ‬الصحافية‭ ‬التي‭ ‬استند‭ ‬إليها‭ ‬هذا‭ ‬البرلمان‭ ‬بصفة‭ ‬مباغتة‭ .‬لكن‭ ‬انتظاره‭ ‬طيلة‭ ‬هذه‭ ‬المدة‭ ‬يؤشر‭ ‬على‭ ‬خلفيات‭ ‬سنحاول‭ ‬الكشف‭ ‬عنها‭ .‬
 
ثم‭ ‬إن‭ ‬عدد‭ ‬النواب‭ ‬الأوروبيين‭ ‬المصوتين‭ ‬لفائدة‭ ‬القرار‭ ‬يحمل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬دلالة،‭ ‬والذي‭ ‬فاق‭ ‬358‭ ‬نائبا‭ ‬أوروبيا،‭ ‬وتصويت‭ ‬بهذا‭ ‬الحجم‭ ‬نادر‭ ‬الحصول‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسة‭ ‬،‭ ‬بما‭ ‬يؤشر‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬عملية‭ ‬تعبئة‭ ‬وحشد‭ ‬كبير‭ ‬مارسته‭ ‬جهة‭ ‬ما‭ ‬لتحقيق‭ ‬الإجماع‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬،‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬ما‭ ‬يقترب‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الإجماع‭. ‬وهنا‭ ‬نشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الغالبية‭ ‬الساحقة‭ ‬من‭ ‬النواب‭ ‬الأوروبيين‭ ‬الذين‭ ‬يمثلون‭ ‬فرنسا‭ ‬صوتوا‭ ‬بنسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬جدا‭ ‬لفائدة‭ ‬القرار،‭ ‬ولم‭ ‬يقتصر‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬النواب‭ ‬المنتمين‭ ‬لأحزاب‭ ‬اليسار‭ ‬والخضر‭ ‬الذي‭ ‬اعتاد‭ ‬المغرب‭ ‬وقوفهم‭ ‬ضد‭ ‬مصالحه‭ ‬لخلفيات‭ ‬سياسية‭ ‬وإيديولوجية‭ ‬،‭ ‬بل‭ ‬صوت‭ ‬نواب‭ ‬فرنسيون‭ ‬من‭ ‬أحزاب‭ ‬فرنسية‭ ‬أخرى‭ ‬،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬حزب‭ ‬الرئيس‭ ‬الفرنسي‭ .‬و‭ ‬هذا‭ ‬مؤشر‭ ‬يكشف‭ ‬عن‭ ‬الدور‭ ‬الفرنسي‭ ‬المركزي‭ ‬فيما‭ ‬أقدم‭ ‬عليه‭ ‬البرلمان‭ ‬الأوروبي‭ .‬
 
مهم‭ ‬أن‭ ‬نشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الجهة‭ ‬التي‭ ‬حركت‭ ‬هذا‭ ‬التصويت‭ ‬اختارت‭ ‬توقيتا‭ ‬دقيقا‭ ‬و‭ ‬مناسبا‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬هي‭ ‬الجهة‭ ‬التي‭ ‬استبقت‭ ‬هذا‭ ‬التصويت‭ ‬بإقحام‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬رشوة‭ ‬داخل‭ ‬البرلمان‭ ‬الأوروبي،‭ ‬و‭ ‬هي‭ ‬القضية‭ ‬التي‭ ‬كشفت‭ ‬بالملموس‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسة‭ ‬الأوروبية‭ ‬قابلة‭ ‬للاختراق،‭ ‬وأنها‭ ‬ليست‭ ‬منزهة‭ ‬عن‭ ‬قضايا‭ ‬فساد‭ ‬اعتدناها‭ ‬في‭ ‬برلمانات‭ ‬التجارب‭ ‬السياسية‭ ‬المتخلفة‭ . ‬و‭ ‬بذلك‭ ‬خططوا‭ ‬بدقة‭ ‬كبيرة‭ ‬لتوفير‭ ‬شروط‭ ‬مناسبة‭ ‬لهذا‭ ‬التصويت‭ ‬،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تخويف‭ ‬وترهيب‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬النواب‭ ‬الأوروبيين‭ ‬الذين‭ ‬تخوفوا‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬التصويت‭ ‬على‭ ‬قرار‭ ‬إدانة‭ ‬المغرب‭ ‬،‭ ‬تجنبا‭ ‬لربط‭ ‬أسمائهم‭ ‬بالمغرب‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الظروف‭ ‬الدقيقة‭ .‬و‭ ‬لعل‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬يفسر‭ ‬انتظار‭ ‬البرلمان‭ ‬الأوروبي‭ ‬لفترة‭ ‬امتدت‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬سنتين‭ ‬لإعادة‭ ‬الحياة‭ ‬لملف‭ ‬دخل‭ ‬مرحلة‭ ‬النسيان‭ .‬
 
ومهم‭ ‬أن‭ ‬نشير‭ ‬أيضا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التصويت‭ ‬العقابي‭ ‬حصل‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬أيام‭ ‬قليلة‭ ‬من‭ ‬زيارة‭ ‬،‭ ‬الممثل‭ ‬السامي‭ ‬للاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الخارجية‭ ‬و‭ ‬السياسة‭ ‬الأمنية‭ ‬،‭ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬المفوضية‭ ‬الأوروبية‭ ‬السيد‭ ‬جوزيب‭ ‬بوريل‭ ‬للمغرب‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬عزل‭ ‬هذا‭ ‬التصويت‭ ‬و‭ ‬تزامنه‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الزيارة‭ ‬عما‭ ‬أفضت‭ ‬إليه‭ ‬اللقاءات‭ ‬التي‭ ‬أجراها‭ ‬المسؤول‭ ‬الأوروبي‭ ‬السامي‭ ‬مع‭ ‬المسؤولين‭ ‬المغاربة،‭ ‬وعما‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬سمعه‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬المسؤولين،‭ ‬ولذلك‭ ‬ليس‭ ‬صدفة‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬يبادر‭ ‬النواب‭ ‬الأوروبيون‭ ‬إلى‭ ‬عقد‭ ‬جلسات‭ ‬والتصويت‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬أيام‭ ‬قليلة‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الزيارة‭ .‬
 
ثمة‭ ‬وجه‭ ‬آخر‭ ‬لهذه‭ ‬المواجهة‭ ‬المحتدمة‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬ودول‭ ‬أوروبية‭ ‬تتحكم‭ ‬و‭ ‬تقود‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬وتتعلق‭ ‬بالبنية‭ ‬التقليدية‭ ‬للعلاقات‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ .‬فدول‭ ‬معينة‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬تتمسك‭ ‬بالإبقاء‭ ‬على‭ ‬البنية‭ ‬التقليدية‭ ‬لهذه‭ ‬العلاقات،‭ ‬والتي‭ ‬تفرض‭ ‬تبعية‭ ‬عمياء‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬ينتمي‭ ‬إلى‭ ‬الجنوب‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الشمال‭ ‬،‭ ‬بيد‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬اقتنع‭ ‬بضرورة‭ ‬تجاوز‭ ‬علاقات‭ ‬ترتكز‭ ‬على‭ ‬ثقافة‭ ‬استعمارية‭ ‬متخلفة‭ ‬ويتشبث‭ ‬بعلاقات‭ ‬الندية‭ ‬والاحترام‭ ‬وخدمة‭ ‬المصالح‭ ‬المشتركة‭ .‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬فرض‭ ‬على‭ ‬الرباط‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬شركاء‭ ‬أكثر‭ ‬جدية‭ ‬في‭ ‬أرض‭ ‬الله‭ ‬الواسعة‭ .‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬ليس‭ ‬صدفة‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬يستبق‭ ‬التصويت‭ ‬العقابي‭ ‬الزيارة‭ ‬المرتقبة‭ ‬لوزير‭ ‬الدفاع‭ ‬الامريكي‭ ‬لويد‭ ‬أوستن‭ ‬للمغرب‭ ‬خلال‭ ‬الأسابيع‭ ‬القليلة‭ ‬المقبلة،‭ ‬والتي‭ ‬ستركز‭ ‬المباحثات‭ ‬التي‭ ‬سيجريها‭ ‬المسؤول‭ ‬الأمريكي‭ ‬خلالها‭ ‬مع‭ ‬نظرائه‭ ‬المغاربة‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬اتفاقية‭ ‬التعاون‭ ‬العسكري‭ ‬المغربي‭ ‬الأمريكي‭ ‬2021‭ / ‬2030،‭ ‬والتي‭ ‬تفتح‭ ‬آفاقا‭ ‬واسعة‭ ‬للاستثمار‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬الصناعات‭ ‬الدفاعية‭ ‬والصيانة‭ ‬،‭ ‬بما‭ ‬سيمكن‭ ‬من‭ ‬تطوير‭ ‬الصناعة‭ ‬الحربية‭ ‬في‭ ‬المغرب،‭ ‬ولكنه‭ ‬يضمن‭ ‬أيضا‭ ‬إمدادات‭ ‬سريعة‭ ‬للقواعد‭ ‬الأمريكية‭ ‬المتواجدة‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬و‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الأهمية‭ ‬بمكان‭ ‬التذكير‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬دولا‭ ‬غربية،‭ ‬وتحديدا‭ ‬فرنسا‭ ‬،لم‭ ‬تر‭ ‬بعين‭ ‬الرضا‭ ‬للموقف‭ ‬الإسباني‭ ‬الجديد‭ ‬المساند‭ ‬للحقوق‭ ‬المغربية‭ ‬المشروعة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بوحدته‭ ‬الترابية،‭ ‬لذلك‭ ‬فإنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬الصدفة‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬يستبق‭ ‬التصويت‭ ‬العقابي‭ ‬الزيارة‭ ‬المرتقبة‭ ‬لرئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسبانية‭ ‬إلى‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬وفد‭ ‬وزاري‭ ‬هام‭ ‬بما‭ ‬يشبه‭ ‬الزيارة‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬الرئيس‭ ‬الفرنسي‭ ‬ماكرون‭ ‬الى‭ ‬الجزائر‭. ‬وربما‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬أقنع‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬النواب‭ ‬الأوروبيين‭ ‬الممثلين‭ ‬لأسبانيا‭ ‬رفض‭ ‬التصويت‭ ‬لفائدة‭ ‬القرار‭ ‬أو‭ ‬التغيب‭ ‬لحظة‭ ‬التصويت‭ .‬
 
هذه‭ ‬خلفيات‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬ويحدث‭ ‬في‭ ‬المخاض‭ ‬العسير‭ ‬الذي‭ ‬تعيشه‭ ‬علاقات‭ ‬المغرب‭ ‬مع‭ ‬الاتحاد‭ ‬الاوروبي،‭ ‬والتي‭ ‬تحرك‭ ‬فيها‭ ‬فرنسا‭ ‬جميع‭ ‬أدواتها‭ ‬وأسلحتها‭ ‬لإخضاع‭ ‬الرباط‭ ‬لحساباتها‭ ‬ولرغباتها‭ ‬و‭ ‬لمصالحها‭ .‬

              
















MyMeteo



Facebook
YouTube
Newsletter
Rss

الاشتراك بالرسالة الاخبارية
أدخل بريدك الإلكتروني للتوصل بآخر الأخبار