Quantcast
2025 ماي 14 - تم تعديله في [التاريخ]

نظام الجنرالات يبدد ثروات الشعب لإرضاء هوس التنقل نحو أوروبا


العلم الإلكترونية - بقلم هشام الدرايدي 
 
ارتباك دبلوماسي وتخبط استراتيجي غير مسبوق وقع فيه النظام الجزائري، بعدما أقدم على توقيع اتفاق مع جمهورية سلوفينيا، يقضي بمنح تسهيلات واسعة في منح التأشيرات الدبلوماسية وتأشيرات المهمة لضباط الجيش والمخابرات الجزائريين، مقابل إمداد هذه الدولة الأوروبية الصغيرة بالغاز الجزائري، دون أي مقابل مادي يُذكر، في مشهد وصفه محللون استراتيجيون بأنه "هبة من ثروات الشعب مقابل مجرد أوراق سفر".
 
ويبدو أن النظام الجزائري، بعد فشل رهانه الكبير على استمالة الولايات المتحدة الأمريكية عبر عرض طاقي سخي لقاء دعم أطروحته الانفصالية في قضية الصحراء المغربية، اختار أن يتودد لدول أوروبية هامشية بعد احتراق دبلوماسية القش التي يديرها أحمد عطاف مع كبريات دول أوروبا وفرنسا واسبانيا وألمانيا حلفاء المغرب الاستراتيجيين، على أمل تسهيل تحرك كبار ضباطه ومسؤوليه عبر دول الاتحاد الأوروبي، في وقت تعيش فيه الجزائر أزمة اقتصادية خانقة وتدهورا واضحا في مؤشرات العدالة الاجتماعية والتنمية البشرية.
 
وكشف الاتفاق مع سلوفينيا، التي لا يتجاوز عدد سكانها مليوني نسمة، عن أولويات النظام العسكري الجزائري، الذي لا يتوانى في مقايضة الغاز الطبيعي، ثروة الشعب ومصدر قوته الاقتصادية، مقابل امتيازات شخصية ضيقة لفائدة دائرة الجنرالات والمقربين منهم، وهو ما أثار حفيظة عدة دول أوروبية، دفعت بالمكتب الأوروبي للشرطة (يوروبول) إلى عقد اجتماع طارئ، للنظر في قانونية هذه التأشيرات الممنوحة لأشخاص لا يتمتعون بأي صفة دبلوماسية رسمية، وما يشكله ذلك من خرق لمنظومة "شنغن" ومعاييرها الأمنية.
 
ووفق مصادر أوروبية مطلعة، فإن المفوض الأوروبي المكلف بملف الهجرة، يعمل رفقة خبراء من اليوروبول، على دراسة آليات سحب وإبطال هذه التأشيرات، في سابقة قد تؤثر على العلاقات الأوروبية-الجزائرية، خاصة مع قصر الإليزيه الذي بات ينظر بقلق إلى تنامي النفوذ غير المنضبط للجزائريين في فضاء شنغن.
 
وجاءت الزيارة الأخيرة للرئيس عبد المجيد تبون إلى العاصمة السلوفينية ليوبليانا، يومي 12 و13 ماي الجاري، لتؤكد الطابع الانتهازي للاتفاق المبرم، حيث عبّر تبون عن "ارتياحه الكامل للتفاهم السياسي" بين البلدين، مدّعيا أن سلوفينيا تدعم ما وصفه بـ"حق تقرير المصير"، في تجاهل تام لما أعلنته الحكومة السلوفينية رسميا، والتي اعتبرت منذ أبريل الماضي، أن مقترح الحكم الذاتي المغربي هو "أساس جدي لحل نهائي للنزاع الإقليمي المفتعل".
 
ولم تأتِ الرئيسة السلوفينية "ناتاسا بيرك موسار"، التي رحّبت خلال لقائها بتبون بعقود الغاز الممتدة إلى عامي 2026 و2027، على ذكر أي دعم لأطروحة الانفصال، ما يكشف محاولات الإعلام الرسمي الجزائري أبواق الجنرالات المأجورة بملايين الدولارات، تغليف الزيارة بغلاف دبلوماسي غير موجود، لتبرير هذه الصفقة المريبة أمام الرأي العام الداخلي.
 
والمثير في هذه المسرحية التي تلعب فصولها على الشعب الجزائري قبل أي جهة أخرى، هو إصرار قصر المرادية على تقديم "رشاوي الغاز" لدول أوروبية لا وزن استراتيجي لها، في وقت تعاني فيه مناطق جزائرية شاسعة من الفقر والبؤس ونقص الخدمات الأساسية، حيث من الواضح أن قادة "تاغاران" – كما يسمي الجزائريون مقر قيادة الجيش – قد بلغ بهم الهوس بامتيازات التنقل إلى حد إهدار الثروات الوطنية دون استشارة المؤسسات المنتخبة أو مراعاة مصلحة الشعب.

              

















MyMeteo



Facebook
YouTube
Newsletter
Rss

الاشتراك بالرسالة الاخبارية
أدخل بريدك الإلكتروني للتوصل بآخر الأخبار