العلم الإلكترونية - نهيلة البرهومي
تزامنا مع اليوم الدولي للشباب، أصدرت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان أخيرا تقريرا حقوقيا حول (وضعية حقوق الشباب في المغرب)، كشفت فيه أن الشباب يمثلون نسبة مهمة من سكان المغرب (34.4 في المائة من إجمالي السكان)، مما يتيح للبلاد فرصة ديمغرافية ذهبية، غير أن هذه الإمكانات تواجه تحديات بنيوية عميقة.
وأشار المصدر نفسه، إلى أن الشباب المغربي يواجه تحديات كبيرة تتعلق بالإقصاء الاجتماعي وضعف المشاركة في مختلف المجالات، على الرغم من الأهمية الديمغرافية التي تعزز تواجدهم، مما يعيق استغلال إمكاناتهم الكاملة، وهو ما يبدو جليا في صورة تحديات على مستوى سوق الشغل، والمشاركة السياسية، والنسيج الجمعوي.
وأضاف أن البطالة من أبرز التحديات التي تواجه الشباب المغربي، وتؤثر بشكل مباشر على استقرارهم الاقتصادي والاجتماعي، وبلغة الأرقام أفاد نفس التقرير أن عدد مناصب الشغل المطلوبة سنويا في المغرب يبلغ حوالي 240,000 منصبا، في المقابل، يكون جاهزا لدخول سوق العمل حوالي 350,000 شابا وشابة سنويا، مما يخلق ضغطا كبيرا على فرص التشغيل المتاحة ويفاقم من مشكلة البطالة ويخلق فجوة بين العرض والطلب.
ويرى التقرير أن تحدي توفير العمل اللائق لا يقتصر على مجرد خلق مناصب شغل، بل يتعداه إلى ضمان ظروف عمل كريمة، احترام حقوق العمال، توفير الحماية الاجتماعية، وضمان الأجور العادلة، خاصة وأن العمل في القطاع غير المهيكل، الذي يستوعب نسبة كبيرة من الشباب غالبا ما يفتقر إلى هذه الضمانات، مما يجعل الشباب العاملين فيه عرضة للاستغلال والهشاشة، لذا، فإن أي استراتيجية وطنية للتشغيل يجب أن تركز على إدماج الشباب في القطاع المهيكل، وتوفير الحوافز للمقاولات لخلق فرص عمل مستقرة ولائقة.
وعن تحدي التعليم الذي يواجه مشاكل عدة متمثلة في الهدر المدرسي والاكتظاظ في الأقسام، مما يعصف بجودته ببلادنا، أفادت العصبة أن معدل الهدر المدرسي بلغ 8.5 في المائة حتى فبراير 2025، مرجعا أسبابه إلى تدني الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للأسر، وضعف جودة التعليم في بعض المناطق، إضافة إلى عدم ملاءمة المناهج الدراسية لاحتياجات سوق الشغل.
وبخصوص الصحة النفسية، أكد التقرير أن البنية التحتية والخدمات المخصصة لها لا تزال غير كافية، معتبرا أن تزايد معدل الانتحار بين الشباب يتطلب تعزيز خدمات الصحة النفسية، وتوفير الدعم النفسي للشباب، والعمل على إزالة الوصمة المرتبطة بالأمراض النفسية. منبها إلى ظاهرة الإدمان التي صارت في السنوات الأخيرة، من أخطر الآفات التي تستهدف طاقات الشباب وتعيق مستقبلهم.
وفي مجال المشاركة السياسية، سجل المصدر عينه أن هناك عزوفا واسعا لدى الشباب عن التصويت، حيث انخفضت نسبة تسجيلهم في اللوائح الانتخابية إلى (30 في المائة من إجمالي الهيأة الناخبة البالغ 13.4 مليون ناخب سنة 2011).
وأوصى التقرير بضرورة الإسراع في تفعيل المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، إصلاح التعليم والتكوين وربطهما بسوق الشغل، إدماج الشباب في المؤسسات المنتخبة والقيادات الحزبية، تعزيز الصحة النفسية ومكافحة الإدمان، تطوير البنيات الثقافية والرياضية، إدماج التربية البيئية والرقمية في المناهج، محاربة خطاب الكراهية والهجرة السرية بسياسات شمولية.
وأشار إلى أن التنمية المستدامة بالمغرب رهينة باستثمار إمكانات الشباب وجعلهم شركاء فعليين في صياغة المستقبل.