Quantcast
2025 ديسمبر 19 - تم تعديله في [التاريخ]

حادثة "ضحايا فكيك".. هل هي مجرد رقم أم صرخة لتعزيز التعاون لمواجهة الهجرة القسرية وعصابات الاتجار في البشر؟


حادثة  "ضحايا فكيك".. هل هي مجرد رقم أم صرخة لتعزيز التعاون لمواجهة الهجرة القسرية وعصابات الاتجار في البشر؟
العلم - فوزية أورخيص

في سياق إقليمي مشوب بالتحديات، شهدت الحدود الشرقية للمغرب فاجعة إنسانية جديدة خلال الفترة ما بين 6 و12 من الشهر الجاري، حيث تم العثور على جثامين 12 مهاجراً من دول إفريقيا جنوب الصحراء قرب منطقة «رأس عصفور» المتاخمة لمدينة فكيك.

وأكدت التقارير الحقوقية والطبية أن أسباب الوفاة ناتجة عن البرد القارس (حيث تصل الحرارة إلى 5 درجات تحت الصفر) والجوع والإنهاك كانت الأسباب الرئيسية للوفاة، كما سجلت حالات سقوط من مرتفعات صخرية نتيجة الانزلاقات الليلية، وينحدر جل الضحايا بمن فيهم نساء من دول مثل غينيا كوناكري، نيجيريا، والكامرون.

تعكس هذه الحادثة الأوضاع القاسية التي يواجهها المهاجرون غير النظاميين في هذه المنطقة الجبلية الوعرة وتكشف حجم التحديات التي يتكبدها المغرب في غياب أي تنسيق مشترك مع الجارة الجزائر على هامش حيثيات الاستمرار في غلق الحدود بين البلدين.

تأتي هذه المأساة في وقت يواجه فيه المغرب ضغوطاً متزايدة على واجهته الشرقية، إذ تعرف المنطقة تدفقات غير مسبوقة تجاوزت 6,000 مهاجر للحدود المغربية الجزائرية منذ بداية عام 2025، وهو ما يمثل ضغطاً كبيراً على الموارد الأمنية والإنسانية للمملكة، وفق آخر التقارير الرسمية.

في ذات السياق، سجلت الهيئات الحقوقية وفاة أكثر من 76 مهاجراً في هذه المنطقة الحدودية تحديداً منذ عام 2017، مما يجعلها واحدة من أخطر «نقاط العبور البرية» في القارة.

 ودائما وفي ظل «القطيعة» الدبلوماسية وغياب التنسيق الأمني الحدودي الإقليمي ستستمر الحصيلة الدموية في ارتفاع، وستستمر شبكات الاتجار بالبشر في التكاثر والدفع بالمهاجرين نحو مسارات جبلية قاتلة لتفادي نقط المراقبة.

رغم هذه التحديات، يواصل المغرب تبني مقاربة توازن بين السيادة والأمن وبين الالتزام الحقوقي، حيث تعمل السلطات على نقل الجثامين وإجراء التشريح الطبي لتحديد الهويات وتسهيل عملية الدفن أو الترحيل بالتنسيق مع القنصليات.

وتتويجا لمجهوداته صُنف المغرب خلال السنة الجارية 2025 كـ «دولة آمنة» في لوائح الهجرة الدولية، نظراً لجهوده في الإدماج وتفكيك شبكات التهريب التي بلغت 188 شبكة في الأشهر الثمانية الأولى من العام.

للأسف تظل الحدود الشرقية للمغرب في 2025 الجبهة الأكثر تعقيداً في إدارة ملف الهجرة، حيث تتداخل فيها المعاناة الإنسانية الفارة من حروب الساحل مع الحسابات السياسية الضيقة، مما يجعل من المقاربة المغربية القائمة على «الأمن ببعد إنساني» الحل الوحيد المتاح للاستقرار الإقليمي.

وحسب مصادر جد مطلعة، فإن السلطات الجزائرية تساهم بشكل مكثف في استمرار هذه التدفقات البشرية نحو المغرب، كاحتمال ضمني أنها تتخذها كورقة ضغط سياسي على المغرب نتيجة ملفات عالقة بين الجارتين، وهذا ما يجعل المغرب أمام اختبار دائم لموازنة «المقاربة الأمنية» بـ «الالتزام الحقوقي».

لكن المغرب في أغلب حالات التدخل والمراقبة الأمنية نجده يرجح الشق الإنساني والحقوقي لتوفير الحماية القانونية للمهاجرين، إذ أحال في عام 2025 ما يزيد عن 4,380 طلب لجوء إلى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مع ضمان عدم ترحيل الأشخاص الذين يحملون وثائق رسمية.

 وبخصوص الإدماج والخدمات يواجه المغرب تحدي توفير الرعاية الطبية والنفسية للمهاجرين القادمين من مناطق النزاعات (مثل السودان ومالي)، وهو ما يتطلب ميزانيات ضخمة وشراكات دولية متينة.

واختار المغرب كاستراتيجية للمواجهة مبدأ «الصمود والريادة» لمواجهة هذه التحديات إّذ اعتمد المغرب في 2025 على تعزيز المراقبة التكنولوجية، حيث الرفع من كفاءة مراقبة الحدود الشرقية لمنع العبور غير القانوني مع الحفاظ على الممرات الإنسانية.

كما نهج في إطار الدبلوماسية القارية الاستمرار في تفعيل دور «المرصد الإفريقي للهجرة» بالرباط لتقديم حلول مبنية على البيانات لظاهرة النزوح القسري من دول الساحل، والبحث في سبل الادماج مما جعل استراتيجية الدبلوماسية التضامنية مع دول القارة السمراء خاصة تلك التي تشكل بؤر للنزاعات والحروب الأهلية تضع المغرب في موقع بلد استقرار واللجوء وليس بلد عبور، وهو موقع فتح عليه تحديات سوسيو-اجتماعية كبرى وطفرات ستغير تركيبته الديموغرافية لسنا في صدد الحديث عليها في هذا المقال.

وتبقى حادثة «ضحايا فكيك» الـ 12 ليست مجرد رقم، بل هي صرخة إنسانية تؤكد ضرورة تعزيز التعاون الإقليمي والدولي لمواجهة شبكات التهريب وتوفير ممرات آمنة، في ظل تحول الحدود الشرقية للمغرب إلى مسرح لمعاناة إنسانية تفرضها قسوة الطبيعة وتعقيدات السياسة.

              
















MyMeteo




Facebook
YouTube
Newsletter
Rss

الاشتراك بالرسالة الاخبارية
أدخل بريدك الإلكتروني للتوصل بآخر الأخبار