أخذت قضية الوثائق الرسمية السرية، التي عُثر عليها في منزل الرئيس الأمريكي جو بايدن وفي مكتب كان يستخدمه قديماً، بُعداً أكبر أمس الخميس مع تعيين مدّعٍ عامٍ مستقلّ للتحقيق في هذه القضية التي عزاها سيّد البيت الأبيض إلى "قلّة انتباه".
وحسب ما كشفت عنه وكالة "أ ف ب"، أعلن وزير العدل ميريك غارلاند أنّه عيّن مدّعياً عامّاً مستقلاً للتحقيق في هذه القضية، ارتفعت أصوات تطالب الكونغرس بالتحقيق مع الرئيس بشبهة إساءة التعامل مع وثائق رسمية.
وقال غارلاند في تصريح مقتضب "لقد وقّعت وثيقة عُيّن بموجبها روبرت هور مدّعياً عامّاً خاصّاً" لديه "صلاحية التحقيق مع أيّ شخص أو كيان قد يكون انتهك القانون" في هذه القضية.
وأضاف أنّ هذا القرار اتّخذ خدمة "للمصلحة العامة" وأملته "ظروف استثنائية".
وأوضح أنّ "هذا التعيين يذكّر الرأي العام بتمسّك الوزارة باستقلالية القضاء في القضايا الحساسة جدّاً، والتزامها اتخاذ قرارات استناداً للوقائع والقانون فقط".
من جهته، أكّد ريتشارد ساوبر، محامي بايدن، أنّ الرئيس يعتزم "التعاون" مع المدّعي العام المستقلّ.
"قلّة انتباه"
وقال المحامي في بيان "نحن على ثقة بأنّ التحقيق الدقيق سيظهر أنّ هذه الوثائق كانت في غير مكانها عن قلّة انتباه، وأنّ الرئيس ومحاميه تصرفوا على الفور عندما اكتُشف هذا الخطأ".
وأتى بيان المحامي بعيد ساعات من تأكيد الرئيس أنّه تمّ العثور على "عدد قليل" من الوثائق السرية في منزله.
وعُثر في منزل بايدن في ويلمينغتون بولاية ديلاوير على وثائق تعود إلى الفترة التي كان يتولّى فيها منصب نائب الرئيس في عهد باراك أوباما (2009-2017)، وذلك بعدما عثر على وثائق مماثلة في "خزانة مُقفلة" في مركز بن بايدن، للأبحاث والمرتبط بجامعة بنسلفانيا حيث كان لدى بايدن مكتب سابقًا.
وتأتي هذه التطورات في وقت تجري فيه السلطات تحقيقاً في فضيحة مماثلة لكنّ حجمها أكبر بكثير تطال الرئيس السابق دونالد ترامب.
وفي الثامن من أغسطس، دهم مكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي آي) مارالاغو، مقرّ إقامة دونالد ترامب في فلوريدا، وصادر صناديق تحوي آلاف الوثائق السرّية التي لم يقم الرئيس الجمهوري السابق بإعادتها عند مغادرته البيت الأبيض على الرّغم من الطلبات المتكرّرة بهذا الصدد. وبعض هذه الوثائق مصنّفة تحت بند أسرار الدفاع.
وأفادت تقارير صحافية أنّ تلك الوثائق السرية تحتوي على معلومات حسّاسة، بالإضافة إلى أسرار نووية.
ويمكن أن تُوجّه لترامب اتهامات بعرقلة سير العدالة.
لكنّ العثور على الوثائق السرية في منزل بايدن يمكن أن تكون له تداعيات سياسية سلبية عليه خصوصا وأنه يشدد على الدوام على التزامه معايير أخلاقية رفيعة، كما من شأن هذا الأمر أن يعقّد التحقيق الجاري بحق ترامب.
والخميس قال بايدن لصحافيين "أتعامل مع قضية الملفات السرية بجدية كبيرة".
وتابع "نتعاون بالكامل مع وزارة العدل. في إطار هذه العملية بحث وكلائي القانونيون في أماكن أخرى كانت تُخزّن فيها الوثائق المصنّفة إبان الفترة التي توليت فيها منصب نائب الرئيس وقد أنجزوا عملية البحث ليل أمس".
وأضاف "عثروا على عدد قليل من الوثائق المصنفة في مناطق تخزين وخزائن للملفات في منزلي ومكتبتي الخاصة".
وقال بايدن إن "وزارة العدل أُبلغت على الفور"، رافضا الرد على أسئلة الصحافيين.
دهم البيت الأبيض؟
وحضّ رئيس مجلس النواب الأمريكي الجمهوري كيفن مكارثي أمس الخميس الكونغرس على التحقيق مع بايدن.
وقال مكارثي "على الكونغرس التحقيق في هذا الأمر"، مشيرا إلى التحقيق الذي تجريه وزارة العدل بشأن الرئيس السابق دونالد ترامب لاحتفاظه بأكثر من مئة وثيقة سرية في دارته في بالم بيتش في ولاية فلوريدا.
وكان ترامب قد أطلق على شبكته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشال" منشورا جاء فيه "متى سيعمد مكتب التحقيقات الفدرالي إلى دهم منازل جو بايدن الكثيرة، وربما حتى البيت الأبيض".
وقال فريق بايدن إنه في حال تبين أن أخطاء ارتكبت في التعامل مع وثائقه الرسمية ستبادر الإدارة على الفور إلى تصحيح الأخطاء.
وكان البيت الأبيض أعلن الثلاثاء أنّ محامي الرئيس عثروا على هذه الوثائق في نوفمبر أثناء إفراغهم مكتب بايدن وسلّموها إلى هيئة المحفوظات المسؤولة عن حفظ هذا النوع من المستندات الرسمية.
ثم عمد محامو بايدن إلى البحث في الأماكن التي يحتمل أن تكون مخزنة فيها وثائق أخرى.
في مسعى لنزع فتيل الاتهامات بالتدخل السياسي، كلّف المدّعي العام الأمريكي ميريك غارلاند المدعي العام الفدرالي في شيكاغو الذي عيّن في ولاية ترامب النظر في ملف الوثائق السرية التي عثر عليها لدى بايدن.
وردّ فعل بايدن مناقض تماما لموقف ترامب الذي لم يتجاوب مع المحاولات المتكررة للسلطات العثور على وثائق مفقودة، ما دفع بمكتب التحقيقات الفدرالي إلى دهم داره بموجب مذكرة تفتيش.