Quantcast
2025 أغسطس 16 - تم تعديله في [التاريخ]

الذكرى 72 لانتفاضة 16 غشت بوجدة و17 غشت بتافوغالت.. الذاكرة الخالدة في التاريخ: انكشاف المؤامرة الاستعمارية لحركة الكلاوي والكتاني..!

مجموعات استقلالية منتظمة حسب الحرف والمهن نفذت هجومات ضد خونة وجواسيس وجنود..!!


29 قتيلا و50 إصابة في صفوف الأعداء رغم تدخل الدبابات


المرحوم عبد الرحمان حجيرة: حزب الاستقلال تحدى الاستعمار وخطط لاسترجاع سيادة البلاد.!!
 

*العلم الإلكترونية:وجدة: محمد بلبشير*
 
يخلد الشعب المغربي، وفي طليعته حزب الاستقلال وأسرة المقاومة وجيش التحرير، الذكرى 72 لانتفاضة 16 غشت بوجدة و17 غشت بتافوغالت، اللتان تجسدان معلمتين وضاءتين في مسيرة الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال.
كانت ثورة 16 غشت 1953 الدامية والمسلحة بمدينة وجدة بمثابة المفاجأة القاسية التي ضربت الاستعمار الفرنسي، حيث لم يكن يتوقعها، وقد انطلقت بعد كلمة السر: (باسم الله) التي كانت من قيادة حزب الاستقلال بالرباط إلى مكتب الفرع بوجدة، صباح يوم الأحد 16 غشت 1953، عن طريق هاتف المجاهد حمو بلعيد، وقد خلق'ت أحداثها ردود فعل قوية سواء على الصعيد الوطني أو العالمي، إذ أثيرت أحداث هذه الثورة من خلال وسائل الإعلام السمعي و المكتوب خارج الوطن، بل أكثر من ذلك فقد أثيرت داخل هيئة الأمم المتحدة التي طرح على مسئوليها أساليب العنف و القتل الجماعي، وكذا أساليب التعذيب التي نهجتها السياسة الفرنسية الاستعمارية مع المواطنين.
وشكلت انتفاضة 16 غشت 1953 بوجدة منعطفا بارزا في مسار الكفاح الوطني من أجل الحرية والانعتاق، وميزت إسهام المنطقة الشرقية في ملحمة الاستقلال بما قدمه أبناؤها من تضحيات جسام.
إن انتفاضة 16 غشت 1953، التي قادتها ثلة من الوطنيين من أبناء حزب الاستقلال بالمنطقة الشرقية، الذين كانوا من السباقين إلى تأسيس الحركة الوطنية، مكنت هذه الربوع المجاهدة من الدخول إلى التاريخ من بابه الواسع، وهي التي شكلت على مدى أجيال متعاقبة إحدى قلاع المغرب الصامدة في وجه الأطماع الدولية، حين تمكنت بشموخ من التصدي لحملة العثمانيين الرامية إلى غزو المغرب.

الذكرى 72 لانتفاضة 16 غشت بوجدة و17 غشت بتافوغالت.. الذاكرة الخالدة في التاريخ: انكشاف المؤامرة الاستعمارية لحركة الكلاوي والكتاني..!

كانت مدينة وجدة في صلب الصراع القائم بين مغتصبي حرية الوطن وبين المكافحين من أجل استرداد الحرية والانعتاق، وفي طليعتهم جلالة المغفور له محمد الخامس ووارث سره ورفيقه في الكفاح جلالة المغفور له الحسن الثاني.
وحينما انكشفت المؤامرة الاستعمارية لحركة الكلاوي والكتاني وكبار القواد والباشوات المناوئين للملك والشعب، توبعت خيوط هذه المؤامرة من طرف مكاتب فروع حزب الاستقلال بشرق المغرب بكل يقظة وحذر، وفي تلك الفترة كانت فروع الحزب تتحدى الإدارة الفرنسية بتنظيم الإضرابات وتقديم الاحتجاجات والاستنكارات وتوجيه البرقيات والعرائض وقراءة اللطيف في المساجد وتوزيع المناشر وإلصاقها على الجدران، داعية الشعب بأن يكون يقظا و حذرا و في كامل الاستعداد للتضحية وبذل كل غال ونفيس فداء للملك والوطن.
ولما قام الكلاوي صحبة الكتاني بزيارة لمدينة وجدة وعقد اجتماعات مع ثلة من الخونة بأحد المنازل بحي بودير والهادف إلى تنفيذ المؤامرة ضد جلالة المغفور له محمد الخامس، تشكلت جماعة من أفراد حزب الاستقلال وأعدت خطة هجومية وعملية فدائية لنسف هذا الاجتماع والقيام باغتيال الكلاوي وجماعته، إلا أن الحراسة المشددة حالت دون تنفيذ هذه العملية، وهكذا وبعد تخطيط دقيق اندلعت شرارة ثورة 16 غشت 1953 في الموعد المحدد لها، وقامت المجموعات الاستقلالية المنتظمة حسب الحرف والمهن بالعمليات المخططة لها في كل جهات المدينة بهجومات.. وخلالها تمكنت هذه المجموعات من قتل كل من وجدت في طريقها من شرطة وجواسيس وخونة وجنود.. و قامت بإحراق و تخريب و إتلاف الدور والمحلات ومراكز من كان يناصر السياسة الاستعمارية ومن كان يعلن عداءه للملك والوطن والشعب، وهكذا بلغ عدد القتلى الذين سقطوا على يد الثائرين المجاهدين في مساء الثورة 29 قتيلا، فيما أصيب أزيد من خمسين من الخونة بإصابات خطيرة، في حين استشهد عدد من الثوار المجاهدين المغاربة.. كما استشهد 14 مجاهدا اختناقا في زنزانة بمركز الشرطة، و قد استمت المعارك الدامية بوجدة رغم نزول جيش الاحتلال بكثافة إلى الشوارع وإطلاق الرصاص في كل اتجاه وصوب على المجاهدين، ولم تتوقف هذه المعارك إلا بعد ما تدخلت الدبابات والمصفحات بالسلاح الثقيل واكتسحت المدينة..

شهادة المجاهد المرحوم عبد الرحمان حجيرة:
حزب الاستقلال تحدى الاستعمار وخطط لاسترجاع سيادة البلاد.!!
 
خلال إحياء الذكرى 46 لاندلاع الثورة أدلى المرحوم المجاهد عبد الرحمان حجيرة بشهادة في الموضوع حيث قال: نتيجة لهذه الثورة و ما عرفته من معارك دامية، تعرض المواطنون الاستقلاليون الذين تم اعتقالهم إلى بطش فظيع وتعذيب وحشي ومخزني يستحيي المرء من ذكره من لدن المختصين ومن لدن الجلادين سواء بمركز الشرطة أو بالسجون التي قضوا بها مدة اعتقالهم، وقد أصيب العديد منهم بعاهات أثرت على صحتهم.. وهكذا كانت ثورة 16 غشت 1953 بداية انطلاق مقاومة مسلحة وبداية تأسيس جيش تحرير وطني. و نتيجة لها ألقي القبض على الكثير من المجاهدين، فبلغ عدد المحكومين لدى المحكمة العسكرية بوجدة 96 من بينهم 15 حوكموا بالإعدام، 7 حضوريا و8 غيابيا، التجئوا إلى المنطقة الشمالية، وهناك ساهموا في توطيد الاتصال بين جميع الإخوة الذين التجئوا مثلهم وممن نجوا من الاعتقال وتركيز حركة المقاومة وجيش التحرير. أما المحكومين من طرف المحاكم العادية فكان عددهم يعد بالمئات.
لقد مضت فترة من الأهمية بمكان عن هذا الحدث الخالد، و كانت المنطقة الشرقية هي السباقة لخوض الجهاد كلما دعا الوطن لذلك، كما كانت الحصن الحصين في التصدي للعدوان و الوقوف في وجه الاستعمار و كل من خولت له نفسه الاعتداء على سيادة الوطن..  ان انتفاضة 16 غشت دخلت دائرة الضوء بالرغم من كل شيء.. وستبقى خالدة، وها هي اليوم تفقد كل سنة العديد من أبنائها و صانعيها البررة، هؤلاء الذين أعطوا لهذا الوطن الشيء الكثير، وضحوا بالغالي والنفيس سواء أيام معركة الكفاح ضد الاستعمار أو لدى بناء صرح الاستقلال.. لقد كانت نية المستعمر القضاء على السيادة المغربية و دفن الحركة الوطنية الشيء الذي أغضب المواطنين الأوفياء الذين ملئت صدورهم إيمانا بالدفاع عن كرامتهم و كرامة بلدهم.. أما في وجدة و بعد أن أعطت قيادة حزب الاستقلال بالرباط تعليماتها في الموضوع، و كان فرع الحزب بقيادة المناضل عبد الله بن عبد الواحد الزجلي يخطط للعمل الدفاعي، ومن هنا يبدأ الحدث الهام في تاريخ مغربنا الحافل بالأمجاد، نظرا للصدى الواسع الذي خلفه داخل الوطن وخارجه.. الحدث الذي لفت أنظار العديد من رؤساء و ملوك الدول الإسلامية ممن تضامنوا مع شعب المغرب في نضاله المسلح الذي انطلق بانطلاق ثورة 16 غشت 1953.. و قال المرحوم من جهة أخرى: ان هذه الثورة لم تكن مظاهرة تلقائية أو عفوية كما يحسبها البعض، بل كانت ثورة صنعها و خططها الدهاة و نفذها الشجعان البواسل و استغلها الخونة.. و كانت ثورة أدت اليها تطورات عرفها وطننا العزيز، كانت نتيجة اليأس الذي غمر قلوب المغاربة الذين علموا بأن الاستعمار لا يمكن أن يفكر في مصلحة وطن ما أو أمة ما.. لقد شعروا بنهاية الحوار، وأصبح من المفروض تغيير الأساليب التي يجب أن يعامل بها المستعمر الدخيل..
 هذا و قد تجند عدد كبير من شباب وجدة قبل قيام الثورة لكتابة مناشير محرضة تدعو إلى الثورة، وزعت في أرجاء المدينة، ومما جاء فيها: (أيها الشعب الوجدي، لا تتأخر في إراقة دمك لحماية ملكك و تحرير وطنك.) وخلالها تم تجديد القسم بالنسبة لكافة خلايا الحزب استعدادا لكل الطوارئ.
وكانت بركان وأحفير وقبائل بني يزناسن و كذا القرى والمداشر حاضرة بقوة في معركة الاستقلال، فبقدر ما كانت الإدارة الاستعمارية تحاول بكل وسائل الدعاية والإغراء والتهديدات والإرهاب شل حركة حزب الاستقلال في بركان وأحفير وتريفة وتافوغالت وقبائل بني يزناسن بقدر ما كان المد الثوري و التحرري يتسع ويزداد ويترعرع في أوساط المواطنين.. وهكذا وصباح يوم الاثنين 17 غشت 1953 واجهت الحشود المتظاهرة في كل من أبركان وتافوغالت قوة عسكرية هائلة مجهزة بعشرات الدبابات و المدرعات و المصفحات التي كانت وكأنها في حالة حرب حقيقية، وقد نتجت عن الاصطدامات والمواجهات عدة اعتقالات أدت بعدد من المناضلين إلى المحاكمات والسجون وأنواع التعذيب.

شهادات في حق ثورة 16 غشت 1953


لقد جاء في خطاب جلالة الملك المغفور له محمد الخامس قدس الله روحه خلال زيارته لوجدة في شهر شتنبر 1956: "لقد كانت مدينتكم الزاهرة هذه في طليعة المدن التي اقتحمت بشجاعة غمرة الكفاح المستميت دفاعا عن كرامة العرش، ومن أجل استرداد حرية البلاد واستقلالها، طيب الله ثرى الشهداء، وسقاهم بما صبروا جنة عالية، وأحلهم عنده مقعد أوليائه من النبيئين و الشهداء والصالحين".

 وقال جلالة المغفور له الحسن الثاني لدى استقباله لأعضاء مكتب أنكاد المغرب الشرقي يوم 06 دجنبر1994: "وكانت مدينة وجدة أعطت انطلاقة ثورة الشعب، ذلك الشعب الذي كان يحس بأن المأساة اقتربت، وأن المسألة سوف تنتهي ولابد أن تنتهي، إما بنفي الملك، وإما بتراجع الاستعمار، وصار ما صار، وأراد الله أن يكون اسمي شخصيا مقرونا بتلك الأحداث التي جرت في وجدة، الشيء الذي جعلني أحال غيابيا على المحكمة العسكرية ونحن في المنفى.."

ومما جاء في خطاب جلالة الملك محمد السادس حفظه الله الذي ألقاه بمدينة وجدة بمناسبة السنة الدولية لثقافة السلام: ".. و يكفي أن نذكر هنا ثورة 16 غشت 1953 و مشاعر الوطنية الحقة التي واجهت بها مدينة وجدة المجاهدة الاستعمار آنذاك، كما سبق أن اختارها جدنا محمد الخامس قدس الله روحه، ليوجه منها باسم الضمير العالمي نداءه التاريخي، لتعميم نعمة الاستقلال على جميع أقطار المغرب العربي وشعوبه و ضمان الوئام والسلام والانسجام بين بلداننا و بينها و بين باقي دول العالم.."
 

شهادة الأستاذ عباس الفاسي شافاه الله


وقال الأستاذ عباس الفاسي الأمين العام السابق لحزب الاستقلال بمناسبة الذكرى 46 لانتفاضة 16 غشت 53: "وإذا كانت انتفاضة 16 غشت 1953 وثورة الملك والشعب بداية لنهاية الاستعمار في بلادنا، فإنها كانت امتدادا لسلسلة الحلقات التي حفل بها الشعب المغربي من أجل العزة و الكرامة و التحرر.."

ومن كلمة المجاهد أبو بكر القادري في الذكرى 47 لثورة 16 غشت 53 بوجدة: "لقد كانت ثورة 16 غشت1953 الشرارة الأولى لاستقلال المغرب و كانت مدينة وجدة وطنية برجالها و نسائها و أطفالها و حتى بجدرانها و سطوحها، حتى أن الفرنسيين ارتاعوا لما أدركوا أن أزيد من 70% من سكان وجدة انخرطوا في حزب الاستقلال..".

"الشعب يتحرك، وجدة تبدأ العمل الايجابي" تحت هذا العنوان تحدث الأستاذ عبد الكريم غلاب عن ثورة وجدة في كتابه (تاريخ الحركة الوطنية بالمغرب)، الجزء 2.. حيث يقول: "وفي وجدة لم تكن المظاهرة متروكة للتلقائية، والإحساس العاطفي، ولم يتجمع المتظاهرون ليقرؤوا اللطيف في المساجد ويجهروا به في الشوارع، وإنما اندفعوا في تنظيم محكم للهجوم على المناطق السكنية في الحي الجديد في المدينة، حيث يسكن الأوربيون، وقد بدا منهم تعاطف مع مخطط الإقامة العامة، وقد كان برونيل حاكم الناحية والحجوي باشا المدينة في مقدمة من تحالف مع عصابة المتآمرين على المشروعية، ولهذا اندفعت الجماهير يوم 16 غشت لتعبر عن سخطها بأعمال عنف اصطدمت فيها مع الشرطة ومع المستوطنين الأجانب في معارك بالسلاح الأبيض، حيث قتل العديد، وحصدت الشرطة العديد من المتظاهرين و قدمت الوطنيين للمحكمة العسكرية الفرنسية.
 

المرحوم ج. عبد الله زجلي رئيس منظمة ثورة 16 غشت:
عاش مناضلا على جبهتين، الجبهة السياسية في حزب الاستقلال والجبهة المسلحة للمقاومة.‼
 
وعن دور حزب الاستقلال في التخطيط للثورة وبصفته كان مسئولا عن الفرع قال المرحوم المجاهد عبد الله زجلي: لقد استغلت السلطات العامة بالمغرب أحداث سنة 1948 للقضاء على الحركة الوطنية، و فكرت في إبعاد المسئولين عن الحزب بوجدة ونواحيها، علما أن بوجدة كان المناضل محمد الدرفوفي مسئولا عن الحزب، والمناضل قدور الورطاسي بأبركان، و المناضل أحمد افرج بمنطقة فجيج، وهكذا عمل الاستعمار على إبعاد كل من رآهم يسيرون دواليب الحزب و وضعهم تحت الإقامة الإجبارية، ولقد اعتقد أنه أنهى الأمر مع وجدة بإقصائه لكل المسئولين السياسيين والنقابيين حيث و في ظرف 5 سنوات ما بين 48 و 53 كانت الحركة الوطنية بوجدة والإقليم أقوى مما كانت عليه من قبل، إلى درجة جعلت الجيوش الفرنسية و الإقامة تفاجأ أمام اندلاع الثورة وهذا بفضل حنكة الحزب بتخطيطاته.. كان من وراء ذلك 3 عوامل رئيسية أثارت غضب الفرنسيين فجعلتهم ينتقمون من كل من وجدوه أمامهم: العامل الأول هو انتشار الوعي الوطني و في مدة 5 سنوات، العامل الثاني: انتقال هذا الوعي من وجدة إلى جل نقط الإقليم.. أما العامل الثالث: تخوف المستعمر من تسرب هذا الوعي عبر الحدود المغربية الجزائرية إلى القطر الجزائري..
   لقد رحل عن دنيانا عدد من المقاومين و رجال جيش التحرير الذين انتقلوا إلى رحمة الله وهم غير راضين عن أحوالهم بعد أن تركوا أسرا تئن تحت وطأة الحاجة والفقر، وغير راضين أيضا عن الوضعية التي آلت اليها البلاد في غياب القيم الأخلاقية.. والمقاومون الذين كان لهم شرف الإسهام في تحرير الوطن و فكه من نير العبودية والاستعمار، أصبحوا الآن في أوضاع تقتضي العناية، نظرا لتقدمهم في السن، و نظرا أيضا لأمراض الشيخوخة المزمنة المتنوعة و المتفاوتة الجسامة التي تهدد صحتهم و أبدانهم..
 


ومن خلال إحيائها لذكرى الانتفاضة كل سنة، مازالت منظمة ثورة 16 غشت 53 تطالب بمراجعة القوانين التي وضعت في الأصل إطارا للمقاومين وأعضاء جيش التحرير، والتي كشف الزمن عن خلل في بعض جوانبها، مما ألحق الضرر بهذه الفئة و بأبنائها و أسرها ماديا و معنويا.. و هناك قوانين لم توضع على أرض الواقع من أجل التطبيق رغم أن صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه أبرزها إلى الوجود و لسبب من الأسباب بقيت طريحة الرفوف، و تريد المنظمة بعد كل هذا أن يوثق المغرب لهذه الفترة من تاريخ بلادنا عن طريق تدوين ما أظهره أبناء شعبنا من ملاحم و بطولات في مقاومة الاستعمار الغاشم لانتزاع الاستقلال الذي كان ثمرة تضحيات جسام، و كفاح مرير أريقت فيه دماء، و قدم فيه الوطنيون شهداء من خيرة أبناء هذا الوطن، وهذا ما يجب أن تعيه الأجيال الحاضرة و اللاحقة..
    وبادر حزب الاستقلال بوجدة وتافوغالت والسعسدية وأحفير وبركان إلى التحضير المحكم لإنجاح هذه الانتفاضة المباركة، إذ جرى اختيار يوم 16 غشت 1953 و 17 غشت 1953، باعتبار الأول يناسب يوم الأحد للقيام بعدة عمليات فدائية، منها مناوشة الجيش الاستعماري بسيدي يحيى، وتخريب قضبان السكة الحديدية، وإحراق العربات والقاطرات، وإشعال النار في مخزون الوقود، وتحطيم أجهزة محطة توليد الكهرباء، ومداهمة الجنود في مراكزهم، لا سيما بمركز القيادة العسكرية بسيدي زيان للاستيلاء على ما يوجد بها من عتاد حربي.
كما شهدت مختلف مراكز المدينة مظاهرات واجهتها قوات الاحتلال بوابل من الرصاص، سقط خلالها الكثير من الشهداء وجرح العديد من المقاومين.
وامتدادا لهذه الانتفاضة شهدت المناطق المجاورة لوجدة انتفاضات عديدة، حيث شهدت مدينة بركان وتافوغالت مظاهرات حاشدة، وجرى اعتقال العديد من المتظاهرين من بني يزناسن ونقلهم إلى السجن الفلاحي العاذر بالجديدة.
لم تكن انتفاضة 16 غشت 1953 انتفاضة عفوية وتلقائية، بل كانت منظمة ومؤطرة، انتفاضة شاركت في صنعها جميع شرائح المجتمع الوجدي من عمال وفلاحين وتجار وصناع وموظفين، وشملت مختلف الأعمار وكلا الجنسين، بحيث تسلح الجميع بالإيمان وبعدالة القضية الوطنية، فكانت هذه الانتفاضة عارمة لم تكد تتسع لها كل أرجاء مدينة وجدة المجاهدة.
 

الذكرى 72 لانتفاضة 16 غشت بوجدة و17 غشت بتافوغالت.. الذاكرة الخالدة في التاريخ: انكشاف المؤامرة الاستعمارية لحركة الكلاوي والكتاني..!

ثورة 17 غشت 1953: شهادة الحاج سليمان خرخش
 
المجاهد والمقاوم الحاج سليمان خرخش نائب رئيس المجلس الإقليمي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بإقليم بركان كلمة ذكر فيها الحاضرين أنه في مثل هذا اليوم كان الشعب المغربي فائضا وثائرا، في 14 و15 غشت بمراكش، وفي 16 غشت بوجدة و 17 في تافوغالت.. حيث كان التعدي على رمز البلاد جلالة المغفور له محمد الخامس وتنصيب الدمية عرفة عميل الاستعمار بدلا من جلالته الملك الشرعي .. وفلم يرض الشعب المغربي بالذل والظلم.. فوقف رجال الحركة الوطنية بالمرصاد يتتبعون ما كان الاستعمار يخططه من مؤامرة ضد ملك البلاد.. لما طوقوا القصر الملكي و طلبوا من ملك البلاد التنازل عن العرش أو السجن، وقد اختار السجن، فأخذوه إلى كرسيكا ومنها الى مدغشقر هو وعائلته ومكث هناك 27 شهرا، وبعد إبعاده عن الوطن بساعة كان النداء من زعيم الحركة الوطنية المرحوم علال الفاسي براديو صوت العرب من القاهرة، حيث قال لفرنسا أن الشعب المغربي لا يعترف بالدمية عرفة العميل، ودعا الشعب المغربي إلى حمل السلاح ضد هذا القرار.. و كما تم الاتصال بوفود الدول العربية و الإسلامية والصديقة و مع لجنة حقوق الإنسان ومنظمات العفو الدولية و لجنة تصفية الاستعمار.. وحاولت فرنسا أن تضغط على من تستطيع الضغط عليهم و أن تغري الآخرين.. و أدركنا أن المؤامرة على الملك الشرعي محمد الخامس تسير كما خطط لها الجنرال كيوم و هو يعمل دون كلال ليل نهار لتطبيق مخطط الجنرال جوان و جورج بيدو، فكانت المعلومات تصل إلى رجال الحركة الوطنية –يقول الحاج سليمان- حيث كان الاتصال بمكتب المغرب العربي للأنباء بنيويورك قصد التشهير بالسياسة الاستعمارية .. فاستقطبنا الصحافة الأمريكية و الدولية والمراسلين وفق توجيه أساسي.. فكان لدينا من الوقائع ما يكفي لدمغ الدعاية الاستعمارية الفرنسية ومناهضتها، فنظمنا عدة لقاءات صحفية في مقر الأمم المتحدة وكان الاتصال مع أعضاء مجلس الشيوخ والنواب بواشنطن، قصد تزويدهم بالوثائق والمعلومات لإقناعهم بوجهة نظر المغرب.. ولم تكن المهمة سهلة..

وبعد خمسة أيام جاءت فرنسا بجيوشها من شمال إفريقيا لفرض الطاعة بالقوة و كانت المداهمة على القرى ليلا، فجمعوا السكان رجالا و نساء شيوخا و أطفالا و مرضى.. كما نهبوا ممتلكاتهم من أغنام وماعز وشحنها بشاحنات وحملها الى مركز تافوغالت لجعلها قوتا لجيوشها.. فيما بدأ البحث عن منظمي المظاهرات، فكان الحكم قاسيا على كتاب مجالس الجماعات ب السجن من سنتين فأكثر و 24 ألف فرنك غرامة وخمس سنوات نفيا، كما حكموا على أمناء المجالس ب 18 شهرا و6 أشهر على الناشطين، وكان عدد المعتقلين في تافوغالت يفوق 1400 معتقل يضعونهم بمطامير تحت الأرض بالسوق الأسبوعي.. وبالرغم من كل ذلك التحقت وفود من شباب القبيلة بإخوانهم الوطنيين وثاروا بكلمة واحدة وبثقتهم في نفوسهم إلى أن قضوا تماما على الاستعمار، فعاد ملك البلاد إلى أرض الوطن و تحقق الاستقلال بإذن الله.. 

الذكرى 72 لانتفاضة 16 غشت بوجدة و17 غشت بتافوغالت.. الذاكرة الخالدة في التاريخ: انكشاف المؤامرة الاستعمارية لحركة الكلاوي والكتاني..!


              

















MyMeteo




Facebook
YouTube
Newsletter
Rss

الاشتراك بالرسالة الاخبارية
أدخل بريدك الإلكتروني للتوصل بآخر الأخبار