
العلم الإلكترونية - نهيلة البرهومي
في إطار سعيها إلى تحقيق اقتصاد رقمي متكامل، تعمل الحكومة المغربية على تعميم الدفع الإلكتروني على كافة فئات المجتمع، الأمر الذي وضع صغار التجار أو من يطلق عليهم اسم «مول الحانوت»، موضع حيرة وقلق، حول كيفية التعامل مع الزبناء في حال إقرار هذا النظام الرقمي، خاصة وأن نجاح هذا الإصلاح رهين بالتغلب على تحديات كثيرة، من قبيل مقاومة التغيير بين بعض التجار، وضعف الثقافة الرقمية بين فئات معينة.
ويرى مراقبون، أن دمج “مول الحانوت” في نظام الدفع الإلكتروني نقطة تحول حاسمة، نظرا للدور الحيوي الذي تلعبه هذه الفئة في الاقتصاد غير الرسمي، وإمكاناتها كرافعة أساسية لتوسيع قاعدة الشمول المالي وتحديث المعاملات التجارية في الأحياء والأسواق الشعبية.
ويأتي التوسع في الدفع الإلكتروني ضمن الاستراتيجية الوطنية للحد من التعاملات النقدية، لما لها من آثار على التهرب الضريبي وصعوبة السيطرة على التدفقات المالية، كما تهدف إلى تسهيل العمليات التجارية اليومية وتزويد التجار بأدوات رقمية تساهم في تطوير أنشطتهم وتعزيز وصولهم إلى النظام المصرفي.
في هذا السياق، يرى محمد الذهبي، الكاتب العام للاتحاد العام للمقاولات والمهن، أن دمج «مول الحانوت» في نظام الدفع الإلكتروني طُموح مهم، خاصة وأن بلادنا ستعرف تنظيم تظاهرة كروية مهمة سنة 2030، لكن في المقابل يجب تفعيل مجموعة من الإجراءات الضرورية لضمان نجاح العملية، خاصة في ظل التحديات الكبيرة التي تطرحها هذه الخطوة.
وأضاف الذهبي، في تصريح لـ»العلم»، أن عصرنة تجارة القرب تتطلب فتح نقاش حقيقي حول سلبيات وايجابيات الخطوة، خصوصا وأننا نتحدث عن «مول الحانوت» الذي تتم عملية الدفع له بطرق مختلفة (تضامنية وإنسانية تراعي إمكانية المدين المالية وتعتمد طريقة التقسيط في الدفع). مستحضرا في الوقت نفسه «الكريدي»، الذي يعتمد فيه البائع دفترا يسجل فيه الأثمنة دون فوائد، على عكس الدفع عن طريق بطاقة الائتمان، التي تعتمد فيا الأبناك نسب فوائد عالية تتراوح بين 1.50 في المائة و3 في المائة، وهو ما يضع المواطن العادي (الذي يتقاضى أجرا ضئيلا لا يتجاوز 1000 درهم)، أمام أعباء مالية ثقيلة.
وأوضح الكاتب العام للاتحاد العام للمقاولات والمهن، أننا اليوم «نناقش الرقمنة كفكرة»، لكن «لم نعطها أهمية كبرى»، وهو ما يؤكد استحالة تحقيقها في السنوات الثلاث المقبلة. داعيا في الوقت نفسه إلى فتح نقاش حقيقي ومعمق بمشاركة كل القطاعات المعنية، وإقرار التدرج، لأن المعنيين هم المغاربة قاطبة، سواء بالمدن أو القرى والبوادي.
ونبه المتحدث، إلى أن إقناع المواطن بالرقمنة، رهين بكسب الثقة « شبه المنعدمة» بين المواطنين وبعض الجهات، مشددا في الوقت نفسه على أن النسيج المقاولاتي في المغرب هو عبارة عن مقاولات صغرى وجد صغرى بنسبة 95 في المائة، أي أن «60 في المائة منها قطاع غير مهيكل»، وهو ما يطرح سؤالا جوهريا حول مدى نجاح تركيبة هذا النسيج المقاولاتي في ظل اعتماد نظام رقمي.