Quantcast
2023 ديسمبر 20 - تم تعديله في [التاريخ]

النساء في صدارة أمراض المناعة الذاتية


النساء في صدارة أمراض المناعة الذاتية
العلم - دة. خديجة موسيار

أمراض المناعة الذاتية هي مجموعة أمراض يهاجم فيها جهاز المناعة مكونات الجسم السليمة، ويقوم بتدميرها عن طريق الخطأ. لأسباب لا تزال غير واضحة، جهاز المناعة المكون أساسا من الخلايا اللمفاوية والأجسام المضادة والذي من المفترض أن يحمي الجسم من الاعتداءات الخارجية، يخطئ في طبيعة العدو ويبدأ في مهاجمة أعضاءنا من خلال الأجسام المضادة التي تنقلب ضدنا وتسمى "الأجسام المضادة الذاتية". وتختلف طبيعة هجمات المناعة الذاتية من مرض لآخر، حيث يمكن أن يهاجم الجهاز المناعي مثلا مادة معينة كالطبقة الواقية (المايلين) للخلايا العصبية في المخ والحبل الشوكي والعصب البصري كما هو الحال في التصلب المتعدد، كما يمكنه أن يهاجم خلايا وأنسجة الجلد والمفاصل والقلب والكلى كما هو الشأن في الذئبة الحمراء.

أمراض المناعة الذاتية فئتان

فئة تقتصر على عضو واحد وتسمى أمراض المناعة الذاتية "الخاصة بعضو" مثل مرض جريفز الذي يعطي فرط في الغدة الدرقية أو السكري من النوع الأول الذي يصيب البنكرياس، وتلك التي تؤثر على أعضاء متعددة إما على التوالي أو في وقت واحد، وتسمى أمراض المناعة الذاتية "الجهازية" مثل: الذئبة الحمراء التي تؤدي إلى اضطرابات على صعيد المفاصل، الجلد، الكلى، نظام القلب والأوعية الدموية، خلايا الدم الحمراء، وتقريبا أيضًا أي عضو آخر؛ أو مثل التهاب المفاصل الروماتويدي الذي يتميز بإصابة المفاصل بشكل رئيسي، لكن ولو نادرًا يؤثر على الرئتين وعلى الجلد؛ في متلازمة شوغرن، يحدث التهاب في الغدد اللعابية والدمعية يسبب جفاف الفم والعيون ويمكن أن يؤثر على المفاصل والجلد والرئتين؛ التهاب الفقار اللاصق يتميز بالتهاب المفاصل خاصة على مستوى العمود الفقري مع إمكانية تأثير على الرئتين وعلى العيون.

هناك عدد كبير من بين أمراض المناعة الذاتية، أمراض نادرة وغير معروفة لدى عامة الناس مثل: متلازمة غودباستشار (مرض يعطي التهاب الشرايين مع اصابة الرئتين والكلي)، الفقاع (مرض جلدي يسبب فقاعات)، فقر الدم الانحلالي المناعي الذاتي، فرفرية نقص الصفيحات المناعي الذاتي، التهاب العضلات والتهاب الجلد، تصلب الجلد، فقر الدم الوبيل، التهاب كبيبات الكلى ...

علاج أمراض المناعة الذاتية يستند إلى الكورتزون ومؤخرا إلى العلاجات البيولوجية

هذه المشاكل غالبا ما تكون غير قابلة للشفاء بشكل دائم. لكن العلاجات تساعد على إبطاء أو إلغاء الاستجابة المناعية المرضية وتستند إلى مادة الكورتزون عن طريق الفم أو البلعة (الحقن في الوريد بجرعة كبيرة) أو إلى مثبطات مناعية: (سيكلوفوسفاميد، آزوثيوبرين، الميثوتريكسيت، الميكوفينولات والتبادلات البلازما وكذلك الغلوبولين المناعي ومؤخرا إلى العلاجات البيولوجية.

أمراض المناعة الذاتية والطب الباطني والمرأة والكلفة الاقتصادية والبشرية

يتم التكفل بهذه الأمراض، بالإضافة إلى الطبيب العام، من قبل مختصين مختلفين وفقا للأعضاء المصابة (أخصائي أمراض الروماتيزم، أخصائي أمراض الجهاز الهضمي، أخصائي أمراض القلب...) و/أو أخصائي في الطب الباطني، وهو تخصص لا زال غير معروف في المغرب: يعالج هذا التخصص بشكل خاص المرضى الذين يعانون من مشاكل في أعضاء متعددة، أو يصابون في وقت واحد بالعديد من الأمراض، أمراض المناعة الذاتية هي في صميم مهاراته.
بشكل عام، تشكل هذه الأمراض مشكلة شديدة على صعيد الصحة العامة بسبب وزنها الاقتصادي والبشري لأنها السبب الثالث للاعتلال في العالم بعد أمراض القلب والشرايين والسرطانات، فهي تؤثر على حوالي 10 ٪ من سكان العالم وتحتل البند الثالث من ميزانية الصحة في البلدان المتقدمة.

أخيراً وليس آخراً، أمراض المناعة الذاتية لا تدخر الرجل و لا الطفل للأسف، لكن المرأة هي التي تتحمل غالبية هذا العبء في أكثر من ثلثي الحالات. وبالتالي فإن نسبة النساء المصابات مقابل الرجال المصابين هي في حالة مرض غريفز (فرط نشاط الغدة الدرقية) 7 نساء / رجل واحد، الذئبة الحمراء تصيب 9 نساء مقابل رجل واحد من بين المصابين، كما هو الشأن بالنسبة لمتلازمة شوغرن، التهاب المفاصل يصيب 2.5 نساء مقابل رجل واحد، أما بالنسبة للتصلب المتعدد فالنساء يشكلن ضعف الرجال. هناك القليل من أمراض المناعة الذاتية التي يحتمل أن يصاب بها الرجال على قدم المساواة أو أكثر من النساء مثل التهاب الفقار اللاصق، ومرض السكري من النوع 1،  والصدفية.

نتيجة لذلك، فإن النساء يقعن في صدارة أمراض المناعة الذاتية والتي كثير منها قليل الانتشار أو نادر!  في حين أن هذه الظاهرة "الأنثوية" معروفة لدى المجتمع الطبي، إلا أن الجمهور المغربي لا يزال يجهلها إلى حد كبير، بسبب نقص التغطية الإعلامية. على عكس بعض البلدان الأخرى مثل الولايات المتحدة حيث أن الجمعية الأمريكية للأمراض المتعلقة بالمناعة الذاتية تقوم بدور كبير في هذا المجال، أمراض المناعة الذاتية تستحق أن تكون موضوعًا لحملات توعية واسعة النطاق ، حول المفهوم الشمولي للمناعة الذاتية و تجاه النساء ، كما هو الحال بالنسبة للسرطان. اليوم العالمي للمرأة أو اليوم الدولي للصحة فرصة لهذه الأعمال!

الدكتورة خديجة موسيار اختصاصية في الطب الباطني وأمراض الشيخوخة رئيسة الجمعية المغربية لأمراض المناعة الذاتية و والجهازية رئيسة ائتلاف الأمراض النادرة المغرب


              
















MyMeteo



Facebook
YouTube
Newsletter
Rss

الاشتراك بالرسالة الاخبارية
أدخل بريدك الإلكتروني للتوصل بآخر الأخبار