العلم: نهيلة البرهومي
أثارت الأخبار المتداولة أخيرا بخصوص انتشار فيروس ماربورغ، أحد أخطر الفيروسات النزفية بإثيوبيا، مخاوف المغاربة من إمكانية توسع نطاق تفشيه وامتداده إلى دول الجوار. فلم يقف الأمر عند إثيوبيا، وارتفع منسوب الذعر لدى المتتبعين للوضع الصحي، بعدما انتشرت أخبار عن تفشي الحمى في مصر، بسبب ملامسة سوائل جسم المريض، وليس عن طريق الهواء على عكس باقي الفيروسات، وهو ما نفته وزارة الصحة المصرية مؤكدة أن “الوضع الوبائي” في البلاد مستقر تماما.
ويأتي هذا التفشي (بإثيوبيا) في وقت تواجه فيه القارة الأفريقية تحديات صحية متزايدة، من بينها أسوأ موجة كوليرا منذ 25 عاما، مما يضاعف الضغوط على الأنظمة الصحية الهشة.
ورغم التطمينات من مختلف الجهات المعنية، استطاع الفيروس بفضل الأخبار المنتشرة حوله بكثرة في الأيام القليلة الماضية، أن يثير مخاوف المواطنين المغاربة، خاصة بعد تأكيد منظمة الصحة العالمية، على أن خطورة حمى ماربورغ تكمن في ثلاثة عناصر رئيسية، وهي نسبة الإماتة المرتفعة، والتي تتراوح بين 24 و88 في المائة، ظروف التفشي وجودة الرعاية الصحية.
في هذا السياق، أكد مولاي مصطفى الناجي، مدير مختبر الفيروسات بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، أن فيروس “ماربورغ إيبولا” قديم وليس جديدا، تم اكتشافه بالكونغو.
مشددا على أن الوضع بالمغرب لا يدعو للقلق، خاصة وأن المملكة لم تسجل لحد الساعة أي حالة إصابة.
واعتبر الناجي، في تصريح لـ”العلم”، أن ما ساهم في انتشار الفيروس مقارنة بالماضي، هو كثرة الرحلات التي يقوم بها الأشخاص، إضافة إلى الأعراض التي لا تظهر على الشخص الحامل للفيروس بشكل سريع.
وأوضح مدير مختبر الفيروسات بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، أن المغرب ومنذ ظهور الحمى الفيروسية في الدول الإفريقية، سارع في تفعيل في نظام اليقظة المبكر، خاصة على مستوى الحدود.
وفي جوابه على موضوع توفر المغرب على علاجات في حال تفشي الفيروس، أفاد المتحدث، أن الوزارة الوصية واعية بأهمية ما يقع في هذا الباب،” لكن ليس من المعقول أن تحظر اللقاحات والأدوية الباهظة الثمن وتعمل على تخزينها منذ الآن”، معللا ذلك بأن هناك بروتوكولات تنفذها الوزارة الوصية والداخلية بشراكة مع العديد من القطاعات الأخرى، لضمان جودة العلاج، كما سبق وحدث مع فيروس كورونا، حيث كانت المملكة سباقة للحفاظ على منظومتها الصحية في الوقت الذي انهارت فيه في دول عظمى.
بدوره طمأن الطيب حمضي، الباحث في السياسات والنظم الصحية، الرأي العام المغربي، وأكد استحالة عودة سيناريو “كوفيد ـ 19”، مبرزا أن الوضع الصحي بالمملكة لا يدعو للقلق رغم ما تعرفه بعض الدول الإفريقية من انتشار لفيروس ماربورغ.
وأرجع حمضي، في تصريح لـ”العلم”، السبب في ذلك إلى أن هذا الفيروس لا ينتقل عن طريق الهواء، وإنما عن طريق اختلاط سوائل المريض (الدم/ القيء..) مع شخص آخر سليم بشكل مباشر أو غير مباشر، مضيفا أن الفيروس لا ينتقل إلا حينما تظهر الأعراض على الشخص المصاب، على عكس باقي الفيروسات الموسمية مثلا، وهو ما يسمح بالسيطرة عليه حيث تعمل الفرق الطبية على تشخيص المرض بشكل أسهل.
وأوضح الباحث في السياسات والنظم الصحية، أن السبب في تفعيل نظام اليقظة المبكر من قبل المغرب والعديد من الدول أمر منطقي، خاصة وأن صعوبة انتقال الحمى الفيروسية اليوم واردة، لكن انتقاله بشكل كبير مستقبلا قد يكسبه طفرات جديدة تهدد صحة المواطن وتفتح الأبواب أمام سيناريوهات أخرى.
ونبه إلى أن دعوة منظمة الصحة العالمية إلى تكثيف الجهود للحد من الفيروس، راجعة إلى التخوف الكبير من حدوث طفرات وامتلاك الفيروس قوة أكبر تخرجنا من دائرة الأمان إلى مثلث الخطر.
وبخصوص العلاجات المتوفرة حاليا، أكد أنه لا يوجد علاج يقتل أي نوع من أنواع الفيروسات، بل هناك أدوية هي في طريق التجريب مضادة للفيروسات وغيرها. مردفا: “لا لقاحات ضد هذا الفيروس، لكن اللقاح المستخدم ضد إيبولا من المحتمل أن يكون له فعالية بسيطة ضد الفيروس بما أنه ينتمي لذات العائلة أو الفصيلة”.
وأوصى في الأخير، زوار المغارات بارتداء كمامات وقفازات واقية، لأن المغارات غالبا تسكنها خفافيش حاضنة بشكل طبيعي للفيروسات تنقلها للبشر دون أن تتأثر هي بخطورتها، وتطويق المناطق التي تم تسجيل حالات حاملة للفيروس فيها تمنع الدخول والخروج منها للحد من انتشار الفيروس، واستبعاد الحيوانات الأليفة من المناطق التي ينتشر فيها الفيروس، لأنه من الممكن أن تكون هي الأخرى حاضنة ثانوية للفيروسات.
رئيسية 








الرئيسية 




