العلم :نهيلة البرهومي
شكلت مناقشة الوضعية الحالية لأنظمة التقاعد في المغرب، والاتفاق على آليات الاشتغال على المقاربة التي سيتم اعتمادها بشكل توافقي، محور اجتماع اللجنة الوطنية لمتابعة ملف التقاعد برئاسة رئيس الحكومة عزيز أخنوش، والذي عقد أخيرا بالرباط.
وعرف الاجتماع تقديم عرض حول وضعية مختلف أنظمة التقاعد والمؤشرات المتعلقة بالوضعية الديمغرافية والمالية، وذلك من أجل تشكيل أرضية للنقاش والعمل، من أجل الخروج بتصور موحد يحمي حقوق الموظفين والأجراء والمتقاعدين ويحقق الاستدامة المالية للأنظمة.
وثمن رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، المكاسب المحققة في إطار دورات الحوار الاجتماعي السابقة، لاسيما على صعيد تحسين الدخل والرفع من القدرة الشرائية للطبقة الشغيلة، مبرزا أن هذه المكاسب تعد دليلا على النجاح في بناء ذكاء جماعي في صناعة الحلول بشكل توافقي، وتقوية دور الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين.
وجدد أخنوش، التأكيد على أن الحكومة تحدوها إرادة قوية لمعالجة هذا الملف الاجتماعي الهام وفق منهجية تشاركية مبنية على الثقة وتشكل اختيارا استراتيجيا للحكومة. إذ تأتي في سيرورة تنزيل إصلاحات جوهرية تراعي حقوق الموظفين والأجراء والمتقاعدين وتحافظ على تنافسية المقاولات، وتضمن التوازن المالي لأنظمة التقاعد واستدامتها، وتساهم في تعزيز السلم الاجتماعي الذي حرصت هذه الحكومة على تحقيقه.
من جهته، قال النعم ميارة، الكاتب العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، إن منظور الحكومة مهم جدا خاصة وأن الحديث هنا عن الإصلاح الشمولي وليس المقياسي.
وأضاف ميارة، أن تشبث الاتحاد العام للشغالين بالمغرب بضرورة الإصلاح مع مراعاة المكتسبات والحقوق لكل الطبقة الشغيلة المغربية أمر حتمي ولا تراجع عنه، مؤكدا أن الاتحاد سيمضي في هذا الاتجاه من خلال عمل اللجنة التقنية التي ستبدأ أشغالها في شتنبر القادم للوصول إلى توافقات.
وأوضح الكاتب العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، أن أساسيات الحوار الاجتماعي هو الوصول إلى توافقات في المواضيع الشائكة، مشيرا إلى أن الاتحاد العام للشغالين في المغرب سيظل يطرح مشكل المتقاعدين الحاليين، الذي لا يتلاءم دخلهم مع الحاجيات الضرورية وغلاء الأسعار لإعادة النظر في معاشات المتقاعدين.
من جانبها، أكدت نادية فتاح، وزيرة الاقتصاد والمالية، أن أهم مخرجات الاجتماع تمثلت في إحداث لجنة تقنية ستجتمع ابتداء من شهر شتنبر، لتقاسم المعلومات التي تتوفر عليها الصناديق، قصد تشخيص موحد لوضعيات الصناديق، والارتياح تجاه دقة المعلومات ومصداقيتها.
وأضافت فتاح، أنه تم الاتفاق أيضا على الاستماع لكل السيناريوهات والأطراف المعنية من أجل توفير حل تشاركي وتوافقي.
وفي نفس السياق، أوضح شكيب العلج، رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، أن الجميع متفق على أنه يجب إعادة النظر في صناديق ونظام التقاعد، معلنا أن الحكومة قررت إحداث لجنة ستعمل مع النقابات وأرباب العمل لإيجاد حل سيسمح بتجاوز المشكل بطريقة ذكية.
يوسف علاكوش، الكاتب العام للجامعة الحرة للتعليم التابعة للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، في تصريح خاص لـ»العلم»، أكد بدوره أن الاتحاد العام للشغالين بالمغرب ملتزم بالقاعدة التي تقول إن من لزم بالشيء التزم به، على اعتبار أن الاتحاد العام وقع مع الحكومة اتفاقين اجتماعيين في أبريل 2022ـ2024، يقضي بالنظر في ملف التقاعد.
وأوضح علاكوش، أن الاتفاق حول هذا الملف ذهب إلى التوافق في المضامين، ولا سيما الابتعاد عن الإصلاحات المقياسية والتوجه نحو الإصلاحات الشمولية. وشدد في الوقت نفسه على أن الاجتماع جاء للتأكيد على ما تم الاتفاق بشأنه في الاتفاقين الاجتماعيين السابقين.
واعتبر المتحدث، أن الأمر محسوم بالاتفاق، خاصة وأن الاتحاد العام للشغالين بالمغرب لن يقبل المساس بالحقوق المكتسبة للطبقة الشغيلة المغربية، قائلا: «وإن كنا قبلنا النقاش حول ملف التقاعد في إطار قبول التفاوض بشأنه بالنسبة للجان التقنية».
وأوضح الكاتب العام للجامعة الحرة للتعليم التابعة للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، أن مركزيته النقابية مستعدة لمناقشة المضامين التي ستأتي بها مقترحات الإصلاحات الحكومية، على أساس أن تكون شمولية في إطار هذه اللجنة، مع استحضار المصلحة الفضلى للطبقة الشغيلة المغربية.
ويرى علاكوش، أن الحكومة ملزمة بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، ولا يمكنها تنزيل أي إصلاح بشكل أحادي أو بشكل مقياسي الذي اعتمد في 2016 ولم يؤتِ أكله، نظرا لأن ما تقدمت به الحكومة آنذاك أصبح من منظور الحكومة الحالية لا يفي بالغرض.
وتابع: «اليوم نحن أمام اتفاق موقع، علينا أن نطلع على مضامين هذا المشروع الإصلاحي المنتظر، إن كان لا يمس بمصالح الطبقة الشغيلة المغربية، وكان يلتزم بالإصلاح الشمولي، ولا يعود بنا إلى الإصلاحات المقياسية التي تقودنا مباشرة إلى الثالوث الملعون، الذي ترفضه الحركة النقابية بالمغرب، فنحن منفتحون على جميع الآراء والاقتراحات والانخراط بكل جدية في اللجنة التقنية التي تروم إصلاحا شموليا».